تقارير و تحقيقاتسلايدرعربي و دولي

هدية السماء للمرابطين.. “النوّة” المناخية تأتي برزقها لصيادي غزة

رصد تقرير صحفي، بعض مظاهر فرحة أهالي غزة من الصيادين، بعض هدية السماء التي أتت برزقهم من خلال “النوّة” المناخية وهي ظاهرة جوية تصاحبها رياح شديدة وارتفاع في أمواج البحر، لتصبح فرصة ذهبية للصيادين في غزة، لالتقاط رزقهم بما يعود عليهم بأرباح تسدّ رمقهم في ظل أوضاع اقتصادية صعبة.

وبحسب التقرير المنشور على “الأناضول” اليوم السبت، تجلب هذه الرياح والأمواج العاتية التي تصاحب النوّات، الأسماك السطحية الصغيرة وأبرزها “السردين”، بكميات كبيرة إلى المنطقة الساحلية.

ويندر توفّر هذه الكميات إلا في مواسم “النوّات”، التي تتكرر في ذات الموعد لعدة مرات سنويا، بما يشكّل مصدر رزق للصيادين يندر وجوده في الأيام العادية.

ومع تقييد إسرائيل وصول الصيادين لمساحات واسعة من البحر المتوسط، وفي ظل صيد جائر بسبب تزاحم الصيادين في منطقة ضيقة باتت هذه المساحة تعاني من شح في ثروتها السمكية حيث يعودون في الأوقات العادية بعد رحلة صيد طويلة وشاقة بكميات بالكاد تكفي لسد مصاريفهم التشغيلية.

ولا تتجاوز مساحة الصيد التي تسمح إسرائيل بها 6 أميال شمالي القطاع، و12 ميلا جنوبي القطاع، وفي حال تجاوز الصيادين هذه المساحة بحثا عن الأسماك، فإن قوات من سلاح البحرية الإسرائيلي تلاحقهم وتطلق النار صوبهم ما يتسبب بإصابتهم وتعرّض مراكبهم للأضرار فضلا عن اعتقالهم.

لذلك فإن فترة “النوّات” والتي تمتد أحيانا لأيام قليلة، تعدّ فرصة نادرة تعود على الصيادين برزق وفير تعوّضهم بعض خسائرهم التي يتكبدونها خلال العام.

وبحسب وزارة الزراعة الفلسطينية، فإن مهنة الصيد تضم نحو 4 آلاف صياد يعيلون أُسرا تضم حوالي 40 ألف فرد، فيما يعمل 1300 مركب صيد في بحر القطاع.

ويعيش سكان غزة، وهم أكثر من مليوني فلسطيني، أوضاعا معيشية متردية للغاية، جراء حصار إسرائيلي مُشدد منذ عام 2007.

**أمل للصيادين
يقول نزار عياش نقيب الصيادين الفلسطينيين بغزة للأناضول، إن ظاهرة النوّات “تشكل مصدر أمل للصيادين الذين يعانون من ظروف معيشية صعبة، برزق يعينهم على استكمال تفاصيل حياتهم وسداد ديونهم التي تراكمت عليهم”.

ويضيف: “النوّات تجلب الأسماك إلى شاطئ البحر بكميات كبيرة لا تتوفر في الأوقات العادية، حيث وصلت كمية الأسماك التي تم اصطيادها في النوّة الأخيرة ما يزيد عن 100 طن”.

لكن تلك الأسماك، وفق عياش، هي من الأسماك “الصغيرة التي من الصعب تصديرها لإسرائيل والضفة لكنها مرغوبة جدا في السوق المحلي”، وفق قوله.

وأوضح أن أسعار هذا النوع من الأسماك المفضلّة لدى السكان “تتراجع مع زيادة العرض عليها، حيث أصبحت في متناول جميع الفئات من المجتمع”.

وذكر أن المنخفض “يؤدي لفترة انتعاش جزئي لدى الصيادين حيث يزداد رزقهم والعائد المادي، لكنها لا تدوم طويلا” وفق قوله.

وأشار إلى أن قطاع الصيد “يعيش واقعا مأساويا بفعل الحصار المستمر لأكثر من 16 عاما، حيث تمنع إسرائيل دخول المركبات أو معدات الصيد أو قطع الغيار أو المواد اللازمة لإصلاح المركبات، ما يؤدي إلى انعدام قدرة الصيادين على الذهاب في رحلات صيد طويلة.

وتسبب هذا الحصار، بحسب عيّاش، إلى “ركود عام في قطاع الصيد”.

ويذكر أن الثروة السمكية في بحر غزة تعدّ شحيحة، وذلك لتقييد مساحة الصيد وفرض مساحات تخلو أصلا من الأسماك فضلا عن ازدحام أعداد الصيادين ما أدى إلى شح المنطقة خلال 16 عاما من هذه الثروة السمكية.

ويستكمل عياش قائلا: “الصيد الجائر واستخدام شباك مخالفة لقانون الصيد تصطاد الأسماك الصغيرة ما يؤدي لفقدانها وعدم تكاثرها أدى إلى شحّ الثروة السمكية أيضا”.

ويطالب عيّاش المؤسسات المعنية بـ”الضغط على إسرائيل لإدخال معدات وأدوات الصيد وفتح المساحة أمام الصيادين”.

**هدية من السماء
الصياد مصلح أبو ريالة (44 عاما)، يصف الأسماك التي تجلبها النوّات إلى البحر، بـ”الهدية والرزق من السماء”.

ويقول أبو ريالة الذي ورث هذه المهنة عن والده منذ نحو 20 عاما، إن “يعمل وأشقائه في الصيد على متن 6 مراكب لإعالة 65 فردا من عائلتهم الممتدة”.

ويضيف، أن المراكب الستة “تصطاد أسماك تقدّر ماليا بنحو 400 شيكل (الدولار يعادل 3.60 شيكلا) في الأيام العادية، يذهب نحو 200 شيكلا منها للمصاريف التشغيلية، بينما يبقى نحو 200 شيكل يتم تقسيمهم لإعالة 65 فردا”.

لكن في أوقات المنخفضات الجوية “النوّات”، فإن العائد المادي “يزداد لفترة قليلة جدا، توفّر للعائلة مساحة لسداد ديونها وقضاء حاجياتها الأساسية”، وفق ما يقول

ويضيف: “خلال عمل الصيادين في فترة ارتفاع أمواج البحر تتعرض مولداتهم المشغلة للمراكب والهالكة أصلا للأعطال ما يتسبب بتوقفها عن العمل وتكبّد خسائر مادية”.

ويعاني الصيادون من عدم توفّر المولدات الجديدة، أو قطع الغيار اللازمة لتصليح الأعطال، بسبب المنع الإسرائيلي.

في المقابل، فإن المركب كاملا “يكون مهددا بالغرق حينما يعمل في فترة المنخفضات، أو تسحبه التيارات السريعة إلى خارج منطقة الصيد المسموح بها فيكون معرضا لخطر الاستهداف الإسرائيلي”، وفق قوله.

ويستكمل قائلا: “حينما تقذف التيارات البحرية السريعة بالقارب خارج منطقة الصيد نتعرض لإطلاق النيران والملاحقة والاعتقال، ويصاب بعضنا أحيانا، فنحن في كل الأحوال هدفا للاحتلال”.

**ظاهرة مناخية
بدوره، يقول مدير عام الثروة السمكية في وزارة الزراعة بغزة وليد ثابت للأناضول، إن “النوّة ظاهرة مناخية طبيعية تحدث في كل العالم، ترافقها رياح شديدة تسبب اضطرابا في البحر وارتفاعا في الأمواج لمستوى يصل إلى 2-3 أمتار”.

ويضيف أن “تحريك أمواج البحر يؤثر على جلب الأسماك للمناطق الساحلية لعدة أسباب”.

السبب الأول، بحسب ثابت، هو “أن الأمواج تجلب طعام الأسماك إلى المنطقة الساحلية ما يدفع قطعان الأسماك بالتوجه إلى هناك للحصول على غذائها”.

ويردف: “كما أن هذه المنطقة خلال النوّات تزداد فيها نسبة الأوكسجين المذاب الذي بدوره يجذب تلك الأسماك السطحية”.

ويوضح ثابت، أن عدد النوّات التي تحدث في غزة “تتراوح بين 10-11 نوّة وتأتي بالعادة في مواعيد ومواسم محددة، إلا أنها شهدت مؤخرا إزاحة في تلك المواعيد بسبب ظاهرة التغيّر المناخي”.

ويشير، إلى أن كمية الأسماك التي تم اصطيادها خلال النوّة الأخيرة فبراير الماضي زادت عن 100 طن، فيما كانت كمية الأسماك صفر في النوّة التي سبقها، حيث لم يشهد البحر ارتفاعا كبيرا في الأمواج.

وتتراوح كميات الأسماك التي يتم اصطيادها من بحر غزة بنحو 3900-4500 طن سنويا، وفق ثابت.

وعن أثر التغيرات المناخية على موسم الشتاء، يقول مدير عام التربة والري في وزارة الزراعة بغزة بهاء الأغا، إن هناك “تذبذبا في أعداد المنخفضات الجوية التي تضرب قطاع غزة، بين العام والآخر”.

ويضيف: “التغيرات المناخية أثرت بشكل عام على غزة، بحيث أصبح موسم الشتاء يتأخر إذ يلقي ذلك بظلاله السلبية على البيئة من حرث وتلقيح ونمو بعض أصناف الأشجار”.

ويوضح الأغا، أن موسم الأمطار “لم ينته بعد، حيث بلغت نسبة الأمطار التي سقطت على القطاع نحو 75 بالمئة من المعدل العام للكميات المتوقعة”، لافتا إلى أن العام الماضي، ” ارتفاعا في كمية الأمطار عن المعدل العام”.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews