ثقافة وفنمعرض الصورمنوعات

بيت ريما تُنجب الفنانين: نظرة على مسيرة الفنان نادر أسمر

شبكة مراسلين
حوار: مروة محاميد

حظي الفنان نادر أسمر، ابن بلدة بيت ريما المتجذرة في قلب الضفة الغربية، بإعجاب واسع من الجمهور العربي والفلسطيني على حد سواء. فمن هذه البلدة العريقة، التي تستلهم جمالها من خضرة زيتونها وتاريخها الضارب في القدم، ينطلق نادر أسمر ليحاكي بواقعية فنية واقعًا مكبوتًا يواجهه الفلسطينيون، وهو واقع قد يكون التعبير الصريح عنه محفوفًا بالمخاطر.

من هو نادر أسمر ؟

نادر أسمر، قبل أن يكون مجرد فنان، هو صانع أفكار يؤمن إيمانًا راسخًا بأن الفن رسالة سامية. هو حاصل على درجة البكالوريوس في الفنون من جامعة النجاح، ويمارس عمله كمصمم جرافيك مبدع، بالإضافة إلى إتقانه الرسم اليدوي والرقمي، وحرصه على نقل خبرته ومعرفته من خلال تقديم ورشات تدريبية في مجال الرسم.

نشأ نادر أسمر في أحضان بيت ريما، تلك البلدة التي تستمد إلهامها من تلالها الشامخة وأشجار الزيتون المعمرة، والتي تحتفظ بذاكرة تاريخية غنية تمتد لآلاف السنين. لا شك أن هذا المحيط الثقافي والطبيعي قد أثر بعمق في رؤية الفنان وأعماله، ليصبح صوته الفني انعكاسًا لتجربته وتجربة أبناء شعبه.

النشأة بين خضرة الزيتون:
بيت ريما، بلدة الإلهام الفني في قلب الضفة الغربية

تتربع بلدة بيت ريما على تلال شمال غرب رام الله في قلب الضفة الغربية، حاملة بين جنباتها تاريخًا عريقًا يمتد لآلاف السنين. تشهد على ذلك الاكتشافات الأثرية المتنوعة التي تعود إلى عصور مختلفة، بدءًا من العصر الحديدي مرورًا بالفترات الفارسية والهيلينستية والرومانية والبيزنطية وصولًا إلى العصور الإسلامية المتعاقبة. وبينما يربط البعض اسمها بمواقع تاريخية ودينية مذكورة في الكتب القديمة، تظل هويتها الفلسطينية العربية الأصيلة هي السمة الأبرز.

تتميز بيت ريما بموقعها الاستراتيجي وتضاريسها الجبلية الخلابة التي تمنحها إطلالات واسعة على المناطق المحيطة. وقد ساهمت هذه الطبيعة في خصوبة أراضيها واشتهارها بزراعة الزيتون والعنب، حتى أن الروايات التاريخية تشير إلى جودة نبيذها في العصر الروماني الذي كان يُقدم قربانًا في القدس.

على مر العصور، شهدت بيت ريما تحولات عديدة، أبرزها اندماجها مع بلدة دير غسانة المجاورة لتشكيل بلدية بني زيد عام 1966، وهو الاسم الذي يحمل دلالات تاريخية تعود إلى استقرار قبيلة بني زيد في المنطقة خلال العصر الأيوبي.

تتميز اللهجة المحلية في بيت ريما ببعض الخصائص الفريدة، مثل إبدال حرف الكاف بالشين في العديد من الكلمات، والاختلاف الطفيف في نطق حرف القاف بين بعض العائلات، مما يضفي على حديثهم طابعًا مميزًا. وعلى صعيد اللباس، لا يوجد زي نسائي تقليدي خاص ببيت ريما، إلا أن كبار السن من الرجال قد يرتدون “الكمباز”، بينما كانت النساء الأكبر سنًا يرتدين “الشالة” السوداء.

تحتضن بيت ريما بعض المعالم البارزة مثل مقام النبي صالح الذي يعود تاريخه إلى العصر المملوكي أو العثماني، والذي يُعتقد أنه بُني على موقع أثري أقدم. كما يبرز مركز بيت ريما الثقافي كمنارة للحفاظ على التراث وتعزيز الأنشطة الثقافية في البلدة.

«ليس ثقيلا.. إنه أخي»

تراكمية الموهبة والقضية: من شموط إلى فنانين الجيل الجديد في فلسطين

لستُ أول فلسطيني يمزج بين الموهبة والقضية.

إنها مسيرة تراكمية بدأت من إسماعيل شموط وصولًا إلى سليمان منصور في الرسم الاعتيادي أو التقليدي، مرورًا بناجي العلي في فن الكاريكاتير، ووصولًا إلى جميع الفنانين الجدد، بمن فيهم أنا والكثيرون. لكن في الضفة الغربية والداخل المحتل، لا يوجد الكثير من الفنانين بسبب السياسات القائمة، والاعتقالات، والحرمان.

لقد اخترتُ هذا المسار لأن الفن رسالة، وصناعة الفن هي الشيء الوحيد الذي أستطيع من خلاله أن أدافع عن نفسي، فأنَا جزء من هذا الشعب، وكلنا نرزح تحت الظلم. ليس من المنطقي أن أرسم عن الورود وأن أنفصل عن الواقع.

كانت النفسية صعبة عندما كنتُ أرى الناس يموتون والأطفال يُقتلون. يصعب الرسم حينها، وتشعر بأن الرسم لن يكفي لوصف المشهد، ويستبد بك الندم. وبسبب ناجي العلي، تبدأ بطرح أسئلة على نفسك مثل: لو كنتُ مكانهم. أحاول قدر الإمكان ألا أمس بخصوصياتهم وأن أعكس معاناتهم. لقد لعب الفن دورًا كبيرًا في حياتي، فحين اعتدتُ المشهد، تأثرتُ لكنني حاولتُ أن أظل متماسكًا.

لقد لعب الوقت دورًا في حياتي من جميع النواحي: من ناحية زيادة وقت الرسم، ومن ناحية زيادة الوقت اللازم للوصول إلى العمل بسبب الحواجز. وتشعر بأن الإنسان عندما يحزن يصبح الوقت أبطأ والحركة أصعب”.

خاتمة

يبقى نادر أسمر مثالًا للفنان الفلسطيني الذي ينطلق من جذوره العميقة في أرضه وبلدته بيت ريما ليحمل رسالة فنه إلى العالم. إنه صوت من بين أصوات عديدة تؤكد على أن الإبداع يزدهر حتى في ظل التحديات، وأن الفن يظل وسيلة قوية للتعبير عن الهوية والواقع والأمل في مستقبل أفضل.

لم يكن النزوح الأول، ولم أكن وحيدة، وهذا العكاز ضيف جديد، كنت اتكئ على أكتاف اخوتي في بيارات البرتقال،
هذا اليوم ‏ليس غريبا عشت مثله قبل 76 عامًا..

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews