لا تتوقف صفات محمد فوزي الإنسان، على أعماله الفنية ووسامته التي تدخل قلوب معجبيه بسبب ملامحه الطيبة والطفولية، والذي بسببها يعد أكثر من غنى ولحن للأطفال، ولكن تمتد لتواضعه الذي أثر بسببه على نفسه وقدم عليها نجوما آخرين ليصنع نجوميتهم مثل علاقته بالملحن الشاب بليغ حمدي البالغ من العمر 23 عامًا، حينما رفض فوزي أن يستكمل لحن أغنية لكوكب الشرق أم كلثوم، وتركها ليلحنها بليغ حمدي من أجل أن يأخذ الفرصة، بعد أن اقتنع فوزي بموهبة بليغ.
مولد فوزي
ولد محمد فوزي 15 أغسطس 1918 ، وقد أبدع في أعماله الفنية وصنع أشهر الألحان التي صنفت ضمن مصاف الألحان و الموسيقى العالمية، وكأن محمد فوزي كان يشعر أن عمره قصيرا فأبدع في سنوات عمره القليلة ما لم يبدعه غيره، حييث توفي في 20 أكتوبر 1966، وكان عمره لم يتجاوز 48 عاما.
محمد فوزي ليس مجرد مغني وملحن وسينمائي مصري، بل هو فنان تربع على عرش السينما الغنائية والاستعراضية طيلة الأربعينيات والخمسينيات في مصر خلال القرن الماضي، وتميز أسلوبه الفني بالبساطة والبهجة، إضافة إلى امتلاكه موهبة في إدارة المال والأعمال والإنتاج الفني.
غنى فوزي للوطن العربي أشهر الألحان والأغناي، حتى أن محمد فوزي هو صاحب لحن النشيد الوطني للجزائر قسما الذي نظمه شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكريا.
عن حياته
ولد محمد فوزي في قرية كفر أبو جندي التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية، وهو الابن الحادي والعشرين من أصل خمسة وعشرين ولداً وبنتاً، منهم المطربتين هدى سلطان، وهند علام.
نال محمد فوزي الابتدائية من مدرسة طنطا عام 1931م. مال محمد فوزي إلى الموسيقى والغناء منذ كان تلميذاً في مدرسة طنطا الابتدائية، وكان قد تعلم أصول الموسيقى في ذلك الوقت على يدي أحد رجال المطافئ محمد الخربتلي، وهو من أصدقاء والده وكان يصحبه للغناء في الموالد والليالي والأفراح.
تأثر بأغاني محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، وصار يغني أغانيهما على الناس في حديقة المنتزه، وفي احتفالات المدينة بمولد السيد البدوي.
التحق بعد نيله الشهادة الإعدادية بمعهد فؤاد الأول للموسيقي في القاهرة، وبعد عامين على ذلك تخلى عن الدراسة ليعمل في ملهى الشقيقتين رتيبة وإنصاف رشدي قبل أن تغريه بديعة مصابني بالعمل في صالتها، حيث تعرف على فريد الأطرش، ومحمد عبد المطلب، ومحمود الشريف، وارتبط بصداقة متينة معهم، واشترك معهم في تلحين الاسكتشات والاستعراضات وغنائها فساعدته فيما بعد في أعماله السينمائية.
تقدم وهو في العشرين من عمره، إلى امتحان الإذاعة كمطرب وملحن أسوة بفريد الأطرش الذي سبقه إلى ذلك بعامين، فرسب مطرباً ونجح ملحناً مثل محمود الشريف الذي سبقه إلى النجاح ملحناً.
تواضع الفوزي صانع النجوم
يحكي بليغ حمدي، في لقاء إذاعي نادر، تفاصيل مساعدة محمد فوزي له في مشواره الفني، قائلا: “في يوم فوجئت بأن الشاعر مأمون الشناوي، يقول لي إن محمد فوزي عايزك، وكان وقتها أسس شركة مصرفون للاسطوانات، وكان لقائي به بداية مرحلة مهمة في حياتي”.
وتابع: كان مقتنعًا إن فيه فنانًا اسمه بليغ حمدي وبدأ يفتح لي جميع الأبواب للنجاح كان بيقول لي اشتغل وأدخل سجل الأغاني على طول متسمعنيش، كنا بنسهر طول اليوم وبرضه اسمعه الألحان، يرفع سماعة التليفون ويكلم الفنانة صباح ويقولها بليغ هيجيلك وتاني يوم نسجل في الأستوديو، وهكذا دائمًا.
واستطرد بليغ حمدي: “كان يتعامل معي بحب وإيمان عظيم، هو نوع مختلف من الفنانين، مضيفًا: “في يوم كنت في سهرة فوجئت بوجود أم كلثوم، مسكت العود وغنيت المذهب الأول من أغنية حب إيه، وفي الحفلة طلبوا مني إعادته مرة واتنين وتلاتة، وإذ بأم كلثوم تنده لي فقلت لها دي محاولة، قالت لي بكرة تتصل بيا، ولم أكن أعلم إن محمد فوزي مضى معها لطبع اسطوانات لها”.
وتابع: صحيت الصبح مكسوف أكلمها، لقيت محمد فوزي عندي جنب السرير، قالي قوم إنت كلمت أم كلثوم، قولت عرفت إزاي، مكنش معانا في السهرة، راح ماسك التليفون كلمها وروحنا عندها، قالي غني كان أول مرة هو كمان يسمع اللحن، قالي يجنن بقية الكلام فين، قولت مع عبدالوهاب محمد، بعتنا جبناه وكنت أول مرة أحس فيه مسئولية خطيرة فوق دماغي للتلحين لأم كلثوم.
وأضاف “بليغ”، “اللي شجعني أخوض التجربة بشجاعة محمد فوزي، وخرجت أغنية حب إيه، وفي الفترة دي كان محمد فوزي بيشتغل في كلام لمأمون الشناوي، أغنية أنساك ياسلام، لقيت فوزي بيقوله يا مأمون قول المذهب بتاع أنساك لبليغ، وأنا قاعد طلع المذهب مني، راح فوزي قاله شوفت يا مأمون أحلى من اللي أنا عملته، ساعتها فوجئت وقولت له الكلام ليك إنت اللي هتلحنه ليه أخده أنا؟، قالي عشان تكمل نجاحك وتشتغل متستناش”.