حول شعبية كليتشدار أوغلو في الشارع التركي!.. ماهي حظوظه؟ وهل يتفوق على أردوغان؟
كتب – محمد الليثي
لا حديث في الشارع التركي بعد الزلزال، بين العرب المقيمين في إسطنبول والولايات المجاورة، أو الأتراك أصحاب البلد أنفسهم، غير السؤال عن مدى شعبية كمال كليتشدار أوغلو، الذي اتفقت المعارضة التركية ممثلة في الطاولة السداسية، على ترشيحه الاثنين الماضي بعد نقاشات وانسحابات لبعض رموز المعارضة.
ويسيطر على الشارع التركي حاليا سؤال واحد هو: “هل يستطيع أن يتفوق كمال كليتشدار أوغلو على الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، خاصة بعدما ضربت ميرال أكشنار رئيسة حزب ” الجيد” -ثاني أكبر الأحزاب شعبية في تركيا – بترشح كمال كليتشدار أوغلو عرض الحائط، مبررة ذلك بأنه ليس له شعبية حقيقية على الأرض.
وانسحبت أكشنار من الطاولة السداسية، لتعود مجددا، بعدما أقنعها أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، ومنصور يافاش رئيس بلدية أنقرة، بالعودة، مرة أخرى، مقابل تعيين نائبين للرئيس حال نجح كليتشدار في الانتخابات.
وكانت قد طالبت أكشنار من الطاولة السداسية بترشيح أكرم إمام أوغلو أو منصور يافاش، مؤكدة أن شعبيتهما في الشارع التركي أقوى من شعبية كمال كليتشدار، فيما اعتبرت ترشيح كليتشدار، إهانة لحزبها الذي يلتف حوله نسبة كبيرة من الأتراك، وبذلك انسحبت من الطاولة السداسية، وسرعان ما عادت بعد تدخل أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش الذين ينتميان لحزب الشعب الجمهوري أيضا.
وبحسب “رويترز”، فإن الاتفاق مهد الطريق أمام عودة حزب الجيد الذي انسحب قبل ثلاثة أيام، فيما أضحى زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، مرشحا باسم الائتلاف المعارض.
من هو كمال كليتشدار أوغلو؟
كمال كمليتشدار أوغلو هو رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض.
وُلد كمال كليتشدار أوغلو يوم 17 ديسمبر 1948 في بلدة ناظمية بولاية تونغلي شرقي الأناضول، من عائلة تنتمي للطائفة العلوية، وهو الرابع بين أبناء العائلة السبعة، وأب لابنتين.
أكمل كمال كليتشدار مراحل دراسته الابتدائية والمتوسطة في مدارس ولايته، ثم التحق بمدرسة إيلازيج التجارية الثانوية فأنهاها بمرتبة الشرف عام 1967، ثم انتقل للدراسة الجامعية في العاصمة فدخل أكاديمية أنقرة للدراسات الاقتصادية والتجارية التي تخرج فيها 1971.
عمل في مؤسسة الضمان الاجتماعي التركية بدءا من 1992، وتولى مسؤولية إدارتها العامة بين عامي 1997 و1999.
دخل كمال كليتشدار أوغلو عالم السياسة عام 2002 بانضمامه إلى حزب الشعب الجمهوري، الذي يعتبر نفسه الوريث الشرعي لسياسة وفكر مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك، وخاض انتخابات البرلمان التركي في نوفمبر 2002 ثم في أغسطس 2007، وفاز بعضوية البرلمان في الدائرة الثانية في إسطنبول.
وترشح لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى في الانتخابات المحلية التي أجريت في مارس 2009، لكنه نال 37% فقط من الأصوات فخسر المنصب لصالح مرشح حزب العدالة والتنمية قدير توباش.
وفي 2010، انتخبته الهيئة العامة لحزب الشعب الجمهوري رئيسا للحزب بعد استقالة سلفه دينيز بايكال.
مدى شعبية كمال كليتشدار أوغلو
يختلف الكثير من الأتراك على شعبية كمال كليتشدار أوغلو، على اعتبار أنه ليس له الشخصية التي تستطيع أن تنافس رئيس بحجم رجب طيب أرودغان.
ويرى الإعلامي التركي إبراهيم أوغلو، في تصريحات خاصة لـ “مراسلين” أن انسحاب ميرال أكشنار رئيسة حزب الجيد من الطاولة السداسية بسبب ترشيح كمال كليتشدار قبل عودتها مرة أخرى، كشف نظرة المعارضة الحقيقية لهذا الترشيح ومدى الخلاف حول شخصية كمال كليتشدار، بعدما رفضت ميرال أكشنار ترشحه علانية، وبررت ذلك بأن شعبيته منخفضة جدا، بالمقارنة بشعبية رئيس بلدية إسطنبول ورئيس بلدية أنقرة.
وأضاف أوغلو في تصريحاته، أن هذا الانسحاب وهذه التصريحات التي أصدرتها أكشنار، تكشف الخلل في مدى اجتماع المعارضة على شخصية كمال كليتشدار، مؤكدا أن ترشيح كليتشدار، كشف عدم اتحاد قوى المعارضة على قلب رجل واحد، وهو ما سينعكس سلبا على الناخبين الأتراك المؤيدين للمعارضة التركية، خاصة مع عدم اقتناعهم أيضا بشخصية كمال كليتشدار.
إلا أن إبراهيم أوغلو، يرى في الوقت نفسه، أن نسبة الناخبين من الشباب الأتراك، قد تكون مزعجة بالنسبة لفرص الرئيس أردوغان، في الاستمرار بالحكم، مع الأفكار السائدة في الجيل الجديد من الرغبة في التحرر بشكل أكبر، حيث يرى الكثير من الشباب التركي أن أردوغان يقيد من فرص انفتاح تركيا على أوروبا، ويحد من تطلعاتهم في الاحتذاء بالغرب، والتصالح معهم، موضحا أن الشباب التركي يميل جزء منه في أفكاره لتقليد شباب أوروبا من حيث الملبس والموضة، والدفاع عن حقوق المثليين، والتحرر الجنسي.
فيما يرى رسول ياسين أرسلان الباحث في مركز “سيتا” للدراسات التركية، أن كليتشدار لا يمتلك برنامجا حقيقيا في منافسة الرئيس رجب طيب أردوغان، وبالتالي ينعكس ذلك على الشعب التركي، الذي اختلفت استطلاعات الرأي فيما بينهم على مدى قدرة كليتشدار في منافسة رجب طيب أردوغان.
وأضاف أرسلان في تصريحات خاصة لـ “مراسلين“، أن المعارضة في تركيا كعادتها لا تمتلك برنامجا حقيقيا في الانتخابات، سوى اللعب على أوتار رغبة الشعب التركي في التغيير، والطعن في أيدولوجية الرئيس الحالي وحزبه، موضحا أن هذه النغمة ربما لن تؤتي ثمارها في الوقت الحالي خلال هذه الانتخابات مع الظروف التي تمر بها تركيا بعد الزلزال، وحاجة الشعب التركي إلى نظام يمتلك برنامجا حقيقيا لعبور أزمة الإعمار واستمرار جهود الإغاثة لضحااي الزلزال، بتوفير وبناء مساكن بديلة، والنجاح في ضخ استثمارات قوية مع حلفاء جدد، تستطيع من خلالها الدولة التركية النهوض مرة أخرى بعد هذه الكبوة.
وضرب أرسلان في تصريحاته المثل بفشل أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول ومنصور يافاش رئيس بلدية أنقرة، والذين ينتميان لحزب كليتشدار، في تحقيق أي نجاح يذكر في البلديتين الشهيرتين في تركيا، بعدما ارتفعت أسعار المواصلات في إسطنبول على سبيل المثال، بشكل كبير جدا بنسبة 200%، وتراجعت أشكال الإعمار وتجميل المدينة، فضلا عن زيادة ديون إسطنبول من عشرة مليار ليرة وقت استلام أكرم إمما أوغلو الولاية، إلى ستين مليار ليرة في الوقت الحالي.
شعبية حزب الشعب الذي ينتمي إليه كليتشدار
حزب الشعب الجمهوري، حزب علماني يساري التوجه، أنشأه مصطفى كمال أتاتورك عام 1923 في إطار تأسيس الجمهورية، قاد المعارضة التركية طيلة سنوات حكم حزب العدالة والتنمية، حيث يعد منافسه الأبرز.
يتبنى حزب الشعب الجمهوري ما تعرف بـ”الأفكار الكمالية” (نسبة إلى مصطفى كمال أتاتورك)، ويرى نفسه وريثا لقيم الجمهورية والعلمانية، ويصف نفسه بأنه “حزب ديمقراطي اجتماعي حديث، مخلص للمبادئ والقيم المؤسسة للجمهورية التركية”.
حاول حزب الشعب الجمهوري تغيير خطابه السياسي اعتبارا من العام 2016 عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، ووعد رئيسه كمال كليتشدار أوغلو باحتضان كافة شرائح المجتمع مهما كانت أفكارهم وتوجهاتهم، ووجّه علنا اعتذارا رسميا باسم حزبه للشريحة المحافظة وللمحجبات على “أخطاء الماضي”، طالبا منهم السماح.
تجارب حزب كليتشدار الانتخابية بعد ظهور العدالة والتنمية
مع بداية ظهور تيار رجب طيب أردوغان، ممثلا في حزب العدالة والتنمية، فشل حزب الشعب الذي ينتمي إليه كلليتشدار، في انتخابات عام 1999، ولم يستطع أن يتجاوز العتبة الانتخابية، حيث حصل على 8.7% فقط من الأصوات، مع أنه كان الفائز بأغلبية واسعة في بعض المحافظات، لذا بقي خارج البرلمان.
حقق الحزب 19.39% من الأصوات في انتخابات 2002، ليأتي في المرتبة الثانية بعد حزب العدالة والتنمية، ومنذ ذلك الحين، أصبح حزب الشعب الجمهوري هو الحزب الكمالي الرئيسي في تركيا بعد تراجع حزب اليسار الديمقراطي، كما أصبح حزب المعارضة الرئيسي منذ ذلك الوقت.
في انتخابات 2007 فاز الحزب بـ112 مقعدا، ونال 20.88% من أصوات الناخبين، وفي انتخابات عام 2011 بلغت نسبة الأصوات التي حصدها 25.98%، وبلغ عدد نوابه 135 نائبا.
في العاشر من مايو/2010، أعلن دنيز بايكال استقالته من رئاسة حزب الشعب الجمهوري بعد تسريب شريط فيديو سري له ينطوي على فضيحة جنسية، وانتخب كمال كليتشدار أوغلو خليفة له.
خسر حزب الشعب الجمهوري ومرشح حزب الحركة القومية المشترك أكمل الدين إحسان أوغلو في الانتخابات الرئاسية للعام 2014 أمام رئيس الوزراء آنذاك ورئيس حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان في الجولة الأولى، بعدما حصل أكمل الدين إحسان أوغلو على 38% فقط من الأصوات.
وفي تشريعيات يونيو/2015 حصل حزب الشعب الجمهوري على 24.96% من الأصوات، وتمكن من الفوز بـ132 مقعدا، مواصلا الحفاظ على موقعه كثاني أكبر الأحزاب في البرلمان.
وبعد فشل تشكيل حكومة ائتلافية، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى انتخابات مبكرة يوم الأول من نوفمبر/ 2015، وحصل فيها حزب الشعب الجمهوري على المرتبة الثانية بنسبة 25.38% وفاز بـ134 مقعدا.
وبعد إقرار التعديل الدستوري الذي حوّل البلاد من نظام الحكم البرلماني إلى النظام الرئاسي عام 2017، والذي شرع التحالفات الانتخابية، شُكِّل “تحالف الأمة” من حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد والحزب الديمقراطي وحزب السعادة، وخاض التحالف الانتخابات العامة عام 2018، في مواجهة “تحالف الشعب” الذي كان يضم حزب العدالة والتنمية الحاكم وحليفه حزب الحركة القومية.
في تشريعيات 2018 انخفضت نسبة التصويت لحزب الشعب الجمهوري إلى 22%، في حين حصل “تحالف الأمة” على 33% من الأصوات. وفي الرئاسيات حصل مرشح التحالف المشترك للرئاسة وعضو حزب الشعب محرم إينجه على 30% فقط من الأصوات.
شهد حزب الشعب الجمهوري مكاسب كبيرة في الانتخابات المحلية للعام 2019، حيث استحوذ على نحو 30% من أصوات الناخبين، وفاز مرشحوه برئاسة بلديتي إسطنبول وأنقرة اللتين ظلتا معاقل انتخابية لحزب العدالة والتنمية منذ العام 2002، بالإضافة إلى عدد من البلديات الكبرى الأخرى.
وفي فبراير/2022، بدأ حزب الشعب الجمهوري، بالاشتراك مع حلفائه الآخرين في تحالف الأمة، اجتماعات لافتة مع حزبين حديثي التشكيل منشقين عن حزب العدالة والتنمية، وهما حزب المستقبل برئاسة رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، وحزب الديمقراطية والتقدم بزعامة نائب رئيس الوزراء الأسبق وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية علي باباجان.
وشكلت اجتماعات “الطاولة السداسية” منبرا للتشاور بين أحزاب المعارضة التركية، حيث توافقت الأحزاب المنضوية تحتها على برنامج انتخابي يقوم على استعادة النظام البرلماني “المعزز”، وأعلنت أنها ستقدم مرشحا مشتركا للانتخابات الرئاسية المقررة في 2023.