
شبكة مراسلين
بقلم : د. أنس الماحي
- قبل ايام ، وفي قلب جنيف وعلى منصة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، ارتفعت الأصوات التي طال صمتها ، واهتزت الكلمات بين شهود وخبراء ، لا لشيء سوى أن صرخات السودان لم تجد حتى اليوم من يسمعها ، إبادة جماعية ترتكب في وضح النهار ، بأيدٍ ميليشيا الدم والنار والارهاب وبتمويلٍ أماراتى ، بينما العالم يكتفي بالنظر من وراء زجاج مؤتمراته العاجية كما أكتفى بالشجب فى أبادة سكان غزة لعامين حتى الأن.
- ما يحدث في السودان ليس مجرد حرب أهلية ولا صراع على سلطة بين جنرالين كما يصوره الإعلام الغربي ودعونى أصفه مجازاً بالاعلام الساذج ، بل هي عملية اجتثاث ممنهج لدولة بأكملها وشعب يُقصَف مرتين مرة بالرصاص وأخرى بالتواطؤ الدولي.
- السيد أوسكار ريكت ، الصحفي والباحث البارز فى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وأثناء فعالية جانبية بعنوان “الإبادة الجماعية الصامتة في السودان ” قال نحن لم نتحدث عن سيناريو بل عن مأساة متواصلة مضيفآ : “إنها ليست حربًا داخلية ، بل خطة خارجية لتفكيك السودان، وإعادة رسم خريطته.
- الدكتور ماثيو هيدجز، المتخصص في الدراسات الأمنية، قالها صراحة : “من ليبيا إلى اليمن، ومن إثيوبيا إلى السودان حيثما وُجد الميليشيات والانقلابات، وُجدت أبو ظبي” فهي لا تدعم الدول بل تزرع الفوضى. لا تبني جيوشًا نظامية بل ترعى ميليشيات مرتزقة، تحولهم إلى أدوات لتحقيق نفوذها الاقتصادي والعسكري.
- لم تكن قوات الدعم السريع سوى ذراع طويلة لإمارات المال والسلاح، تمتد لتحرق القرى وتغتصب النساء، وتقتل الأطفال وتُهجّر ملايين الأبرياء فالدماء تُزهق والعالم يبتسم للممول ، وأكثر من 150 ألف مدني قُتلوا، حسب إفادات الشهود، وأكثر من 3 آلاف حالة اغتصاب منها اغتصابات جماعية وفتيات قاصرات فقدن أرواحهن أو ألقين بأنفسهن من فوق الهاوية فرارًا من عارٍ لا ذنب لهن فيه.
- وقبل استعادة وتحرير اربع ولايات مهمة بعد إستبسال أسطوري لجيش الوطن /أكثر من 5.1 مليون نازح، والملايين بلا وطن ولا مأوى وماتزال ارقام النزوح كبيرة، فلا تتعاملوا مع هذة الأرقام كأرقام فقط إنها ليست أرقامًا يا سادة أنها أرواح زهقت ونساء أغتصبت دون ذنب، إنه خرابٌ وطني وإنساني شامل.
- لماذا يسكت العالم اذن ؟ لأن من يدفع فواتير السياسة في الكواليس لا يُحاسَب ولماذا تتوارى الأنظمة العربية؟ لأن من يُقتل ليس من “القبيلة الحاكمة”، بل من الشعب السوداني البسيط، الفقير، صاحب الأرض، ولماذا لا تصرخ الشعوب العربية؟ لأن الإعلام يُضلل، والنخب تشتري والدم السوداني ليس “ترندًا” يجلب المشاهدات.
- ماتزال الميليشيا في بارا وريفها وفي النهود / نيالا وكل شبر تسيطر عليه تحرق منازل الابرياء و تُقصف أرحام النساء وتُمسح قرى من الوجود ويُدار كل هذا بـ”ريموت” من العواصم الناعمة لكن التاريخ لا ينسى، والشعوب لا تسامح وساعة الحساب وإن تأخرت قادمة.
- لم تكن فعالية جنيف حدث جانبي بل جنازة إنسانية لعالم خذل السودان، وإذا بقيت هذه المجازر تمر مرور الكرام، فإن ما تبقى من إنسانية هذا الكوكب سيتحول إلى وهم ، فالسودان لا يحتاج فقط إلى طعام ودواء، بل إلى عدالة وإدانة وموقف.
– المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة مراسلين