تقارير و تحقيقاتثقافة وفن

الفنان عمرو واكد في اجرأ حوار مع “شبكة مراسلين” يكشف هل ندم على ترك مصر ومعارضة النظام؟ وهل ينوي العودة؟ وكيف ينظر للمستقبل؟

حوار – أبو بكر إبراهيم

أكد الفنان عمرو واكد أنه لم يبتعد عن فنه، إطلاقا، بالرغم من ظروف خروج من مصر، نتيجة معارضته لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، موضحا أنه قام بالمشاركة في 3 أفلام سينمائية في فرنسا وبريطانيا وإسبانيا، في الوقت الذي شدد فيه على أنه لم يندم أبدا على موقفه من ¨السلطة¨ في مصر، وقال إن التاريخ يثبت صحة موقفه.

وشدد الفنان عمرو واكد على أنه فخور بهذا الموقف الذي اتخذه، مضيفا أن موقفه يتسق مع مبادئه الإنسانية، كما أوضح أن موقفه لا يشوبه التهور من حيث المعارضة للسلطة في مصر.

وعن فكرة عودته قال الفنان عمرو واكد، إنه إذا عرض أحد المسئولين عليه الرجوع إلى مصر بضمانات حقيقية دون التعرض إليه بأي أذى، ربما يفكر في الموضوع، حال وجدت ضمانات حقيقية.

في البداية هل الفنان عمرو واكد بما له من تاريخ فني كبير ومحبين يفتقدون أعماله هل يشعر بأي ندم لترك مصر والابتعاد عن فنه نتيجة موقفه من السلطة في مصر؟

أنا لم أبتعد عن فني إطلاقا، ربما ابتعدت عن أرض مصر ولكن لم أبتعد عن ممارسة مهنتي، فمنذ أن تركت أرض مصر عملت في أكثر من عمل، فعلى سبيل المثال اشتركت في ٣ أفلام سينمائية في أسبانيا وفيلم آخر في فرنسا وفيلم آخر في بريطانيا، وكذلك اشتركت في ثلاثة مواسم مختلفة للمسلسل الشهير “رامي” في الولايات المتحدة الأميركية، وحاليا أنتهي من تصوير دوري في مسلسل آخر في بريطانيا.

أيضا قمت بتأسيس شركة إنتاج في أسبانيا تقدم الخدمات الإنتاجية لمن يرغب في التصوير في أوروبا، ومن خلالها قمت بإنتاج وتقديم موسمين من برنامج بعنوان “دهاليز” وهو موجود على اليوتيوب.

وكذلك انتهينا مؤخرا من إنتاج فيلم قصير وجاري التحضير لغيره، وأغلب هذه الأعمال تمت مشاهدتها من مشاهدين في كل أنحاء العالم ومنهم مصريين وعرب كثيرين، لذلك وجب التوضيح أنني لم أبتعد عن فني بأي شكل، بل اقتربت منه أكثر وركزت فقط على تواجدي في الساحة الدولية التي بدأت المشاركة فيها منذ عام 2003.

هل ندمت على موقفك من معارضة النظام في مصر؟

أنا لا أندم أبدا على موقفي من ¨السلطة¨ في مصر، فالتاريخ يثبت صحة موقفي، بل أنا فخور بهذا الموقف وأعتز كثيرا بما فعلت، وذلك لأني متصالح ومتسق مع مبادئي الإنسانية، وحافظت عليها وكنت من المحظوظين الذين وفقهم الله في الثبات، وأقيّم موقفي بكل إيجابية، فأنا نجحت في أن أكون نموذج صالح لولدي العزيز في التضحية من أجل عدم الانبطاح للفاسدين والظالمين، وذلك عند الاستطاعة.

بصراحة هو لو رجع بك الزمن ستتخذ نفس الموقف أم أنه سيكون لك قرار أخر؟

أنا أعلم أن هناك الكثير غيري يرغبون في تقديم نفس التضحية ولم يستطيعوا ولذا أرى في ذلك توفيق من عند الله، وكذلك علمت ولدي أنه لابد أن يكتسب القدرة على سلوك طريق الحق بدون تردد مهما كانت قسوته، وإذا عاد الزمن بي فبكل تأكيد سأفعل ما فعلت مرة أخرى بلا أي تردد لأن الزمن يثبت لي وللجميع أن هذا هو طريق الحق وأن التجارة فيه هي الرابحة دائما مهما كان سعرها على السطح المزيف، ويبدو أنه غالي فهو في عمق حقيقته سعر زهيد تشتري به ما هو أكثر قيمة وراحة وهي الحرية المصحوبة بالأمان من البطش، وهذا شيء لا يقدر بمال أو صيت أو جاه ولا ندم في الحفاظ عليه.

ماهي علاقتك في الوقت الحالي بأكثر الناس ارتباطا بك من الفنانين؟ وهل تجد خلافا معهم أو مقاطعة بسبب موقفك؟

لا يوجد علاقة في الوقت الحالي بيني وبين أي من الفنانين الذين كان لهم ارتباط بي وثيق أو طفيف في مصر، فأنا منذ أن تركت مصر لم يسأل عني أحد منهم ولا يوجد أحد منهم حاول التواصل معي عن طريق المراسلة مثلا أو التليفون أو بأي شكل كان، وفي الحقيقة تلك كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي في أول عامين لأني لم أفهم كيف ترى أحد تعرفه وعملت معه و”صادقته” أو صاحبته وتعي جيدا أنه في أزمة وتتركه دون المحاولة في أن تساعده أو أن تخفف عنه بالسؤال حتى.

ولكن للصدق في العام الثالث بعد رحيلي اتصل بي أحد الزملاء الذين لم أعمل معهم لطلب مني مساعدته في شيء،
وربما هنا يكمن أصل مشاكل مهمة في سلوك الشعب عامة وهو أنه إذا كان الظلم على غيرك فلا تبالي به وابتعد عنه من أجل مصلحتك، تلك هي حكمة ضرورية للفرقة والانبطاح.

ولكني نسيت كل هذا وتخطيت الصدمة منذ زمن وملتمس لهم العذر فربما خافوا البطش أو قرروا مقاطعتي لاختلافهم مع رأيي وموقفي فرغبوا في معاقبتي، أيا كان أنا أحاول تفهم موقفهم ورغم إني لا أثمنه فأنا لا أسعى لتغييره.

كيف تنظر للأيام القادمة في مصر وما هو رأيك في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها 2024 والمرشحين فيها؟

الأيام القادمة في مصر ستكون عصيبة جدا، فمصر يحكمها الخوف والرعب في نفوس المواطنين ونظام يمارس أبشع الجرائم في حق الشعب، فهم يخطفون ويعذبون ويقتلون المواطن الأعزل ويسرقون موارده ويدمرون مسكنه وكل هذا تحت تهديد السلاح والبطش، وهم يحتمون خلف حزب سياسي مثله مثل جماعات داعش فهم فقط يستبدلون تهمة الكفر بتهمة خيانة وطن فسادهم. وهؤلاء الارهابيون يغتصبون الحق في كل كعكة الموارد في الخفاء والظلام ويهربون أموال فسادهم خارج البلاد ويتربحون من مناصبهم بنهم وجشع فج كالمحرومين في شكل مهين لهم ولأبنائهم الذين يدفعون ثمن نشأتهم تحت مظلة هذه القيم الخسيسة والخائنة للأمانة والشرف، فهم لا يكتفوا بفسادهم وحدهم بل يفسدون منظومة قيم ذويهم وقيم المجتمع كله، مصر تديرها عصابة جريمة منظمة تستتر خلف شعارات وطنية زائفة ودنيئة وتبث سموم الفتنة والضلال في عقول الجميع لكي تحرمهم من كل حقوقهم الأصيلة، ومن كثرة سرقاتهم الفجة أصبحوا يتسولون الآن في كل إقليم وقارة حول العالم لسد العجز المسبب بجرائم سرقتهم المستمرة والمتراكمة والتي لا تنتهي، وهم لن يشبعون إلا بعد أن ينهار كل شيء انهيارا كاملا وشاملا لن يحمد عقباه. وهذا ما هو قادم.

وماذا عن رأيك في الانتخابات؟

رأيي في الانتخابات أنا كتبته ونشرته من قبل في منشور بعنوان “إثم الانتخابات في مصر في ظل الوضع الواهن” وهذا رابط له:

فالانتخابات القادمة مهما أتت بالمنقذ الهمام، فخطيئتها ستكون في الاعتراف والإقرار بأن نظام اليوم هو شرعي ومعبر عن إرادة الشعب وهذا كذب بين هدفه تسطيح عمق الكارثة السياسية والحقوقية في مصر اليوم، فالانتخابات اليوم لا تعني فقط التصالح مع الفحش أو المجون السياسي الذي يمارسه الحاكمون في مصر بل هي إعلان بالرضا بجميع عواقب هذا الحكم بل ومرحلة ضرورية لتسهيل تأكيد شرعية الانبطاح له بشكل خبيث.

والمشاركة في الانتخابات بأي شكل هي دعم للنظام الحالي وكذلك يضمن خروج آمن لهم وعدم يسر محاسبتهم على اغتيال الأمة والمجتمع معنويا واقتصاديا وحقوقيا وكليا.

الانتخابات يلزمها مناخ مختلف تماما وحرية رأي وتعبير وضمانات للحقوق الأصيلة كاملة ويتطلب وجود كيانات سياسية حرة وفعالة ومواطن لا يخشى المشاركة ولا يضطر لبيع صوته لإرضاء سلطة جائرة ومغتصبة او لتجنب بطشها.

عمرو واكد معروف بإنه إنسان ثوري لكن هل ترى أن ثوريته كانت مشوبة بشيء من التهور بعدما أدت لخروجه من مصر؟

موقف عمرو واكد الثوري لا يشوبه التهور بل العكس هو الصحيح، وهو أنه موقف أكثر من عاقل، فالحقيقة هي أن الثورة على الزور والتدليس والخيانة هو الحل الوحيد العاقل لتحرير مصر، ولكي نرمي بأسس الديمقراطية بشكل حقيقي وفعال، فلا يوجد أي عقبة لازدهار مصر وشعبها سوى نظام الحكم الديكتاتوري الذي يطل بظلامه على أي مستقبل مشرق لمصر.

والتهور هو أن تنصاع لهذا الحكم فهذا هو تعريف الرمي بنفسك في التهلكة والسذاجة، بأن تعتقد أنك ستنجح في إصلاح الحال عندما تلعب بأوراق مجموعة من المجرمين والمزورين.

في رأيي المرحلة الحالية لا تتطلب إلا أداة واحدة اذا التزم بها جميع المشاركين نجحنا في تخطي المرحلة الكارثية التي تمر بها مصر تحت هذه الإدارة الملعونة بدماء الأبرياء، وهذه الأداة هي التوافق على أبسط القيم والمفاهيم التي لا يصح قبول أي تجاوز عليها في المنافسة أو القوانين أو الدستور ولا حتى يجوز قبول الاستفتاء على إلغاء أي منها. هذه الأداة ستضمن حماية شروط اللعبة، ولابد أن يلتف حولها كل الأطياف السياسة المختلفة مهما اختلفت مشاريعهم أو مصالحهم الأيديلوجية، وبهذا فقط يمكن أن نتحرك إلى الأمام.

كيف تنظر للمعارضة الموجودة خارج مصر سواء كانت ممثلة في جماعة الإخوان أو بعض رموز التيار الليبرالي .. هل تشعر أنهم يمتلكون أدوات حقيقية للتغيير أم جعجعة بدون طحين؟

المعارضة الموجودة خارج مصر كانت متفرقة لسنين وذلك ربما كان من شروط المرحلة لكي نثمن قيمة هذا التوافق عن طريق تراكم الممارسة التي ترسخ بطبيعية لدى الجميع الإيمان الثابت بأن التوافق في هذه المرحلة هو أهم وأسمى من أي مصلحة سياسية فئوية أو ضيقة، وربما أيضا كانت هذه الفرقة نتيجة إفراط النظام الشرير في نشر في الفتنة وبث سموم التفكك في المجتمع المصري، الشيء الذي زاد عن حده فصار ضده وانقلب به السحر على الساحر، لأن اليوم أرى مبادرات حقيقية لتوحيد صفوف المعارضة بالخارج من أجل التوافق على قائمة من الحقوق فوق الدستورية إذا جاز التعبير.

وأيضا من المهم الاتفاق على خارطة طريق لمرحلة انتقالية طويلة من سنتين إلى أربعة أعوام يقوم الحكم فيها بشكل مجلس انتقالي توافقي ومؤقت معني فقط بتهيئة المناخ الصالح للمنافسة الشريفة والنزيهة أو بالانتقال إلى الديمقراطية الحقيقية والفعالة، وربما أفضل ألا يسمح لأعضاء هذا المجلس بالترشح في أي منصب سياسي لفترة انتخابات أو فترتين بعد تسليم السلطة لمن يكسب في الانتخابات التي يديرها المجلس، هذا المجلس يجب أن يكون ممثل به كل الأطياف السياسية بلا أي إقصاء.

كيف تنظر للشعب المصري في الوقت الحالي وماهي رسالتك إليه؟

الشعب المصري يأن من جروح عميقة سددتها له خناجر الخيانة عبر عقود طويلة من الحكم الديكتاتوري منذ حكم الإعدام الجائر لقياديين العمال محمد مصطفى خميس ومحمد عبد الرحمن البقري والذي نفذوه الظالمون في ٧ سبتمبر ١٩٥٢.

المعلومات الهامة المستخلصة من هذا الحكم هو أن الرئيس محمد نجيب يديه ملطخة بدمائهما، وأغلب الضباط صدقوا على الحكم باستثناء ثلاثة فقط منهم وهم جمال عبد الناصر وخالد محيي الدين ويوسف صديق منصور، ولكن هذا لم يمنع الحكم لأن كل القوى السياسية وقتها ساندت الحكم بما فيهم جماعة الإخوان المسلمين، والوحيدون الذين اعترضوا كانوا الشيوعيين. وتراكمت بعد هذه الجريمة عدة جرائم أخرى سلبت من هذا الشعب إيمانه بسيادته أو بحقوقه في هذا الوطن وذهب ليبحث عن معنى بديل للوطن عن طريق هجرات لا حصر لها لأبرز العقول وغيرها ممن وفقهم الحظ في الابتعاد عن هذه المعادلة المريضة لمعنى الوطنية التي تجهر بدون أي خجل بأن الجهات السيادية في الدولة هي مجموعة من الضباط المسلحين الذين يتسيدون بلا وجه حق على السيادة الأصيلة لهذا الشعب الأعزل والمخطوف.

لذلك الشعب المصري هو تركيبة معقدة تراكمت فيها المعاناة التي خلقت فيه هوية ضرورية للبقاء وهي أن يبتعد عن السياسة تماما وألا يفتش وراء هؤلاء الخونة الذين تسلطوا وتسيدوا بسلاحهم واتخذوا من شعبهم الأعزل العدو اللدود كلما يرغب في استرداد سيادته.

ولكن في ثورة يناير اكتشف الشعب المصري انه أهم لاعب في السياسة في مصر وذاق طعم استرداده لسيادته على جميع المؤسسات بها بما فيها المسلحة، ورأى بريق الأمل يشع من وحدته ومن وقوفه على خدمة نفسه فتحقق الحلم لأول مرة وترك العساكر ولو لوهلة عجلة القيادة ولكنهم خربوا المركبة لغيرهم وعادوا للانتقام، وعاد الشعب ليسكت عن حقوقه ويبتعد عن حلم نعيم أكل اللحمة ليستكفي بكابوس كسرات من الخبز الناشف، وترك الشهداء دون استرداد حقوقهم وترك المعتقلين بعشرات الآلاف من أجل الحفاظ على هذا الكابوس وتركهم يهدرون في الموارد ويسرقون الأموال.

ولكن هذا ليس بذنبه فهو ذنب السلطة التي قمعته وانتقمت منه لهذا الحد، ولو كان نجاح ثورة يناير يتلخص في جملة بسيطة فهي أن تلك الثورة المجيدة كشفت للشعب المصري حجم الخيانة من مجموعة تتاجر بمصر وهم العقبة الوحيدة بينهم وبين نعيم الازدهار وإزاحتهم من سدة الحكم هو أهم وأشرف واجب وطني لهذا الشعب الذي ما زال يتذكر استعادة حبه لوطنه مرة أخرى في ثورة يناير، وان مؤامرة زيف الوطنية لم تعد مقنعة لأغلب هذا الشعب الذي بفطرته اليوم لا يتحرك لأنه لا يجد البديل الصالح على الساحة، فهذا النظام الخاذل في كل شيء إلا الخيانة والفساد يلوث ويقضي على أي فكرة لبديل في الداخل، وهنا يأتي دور الشعب في الخارج، وهم يعملون اليوم على توفير هذا البديل.

وأعتقد أنهم أوشكوا على خلق هذا البديل بتنسيق كبير مع الداخل، وأتمنى أن نرى قريبا هذا البديل يعمل كاملا في العلن بدلا من جزيئا في السر اليوم.

إذا عرض عليك أحد المسئولين أن ترجع إلى مصر بضمانات حقيقية دون التعرض إليك فهل تقبل بذلك كما حدث مع المخرج خالد يوسف؟

إذا عرض علي أحد المسئولين الرجوع إلى مصر بضمانات حقيقية دون التعرض إلىا ربما أفكر في الموضوع، على أن هذه الضمانات تكون حقيقية، ويسبقها دليل قاطع مثل إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي والسياسة، وأن تعني هذه الضمانات الحرية في ممارسة جميع حقوقي الأصيلة دون انتقاص مثل حرية الحركة وحرية التعبير والرأي والحق في المشاركة والممارسة السياسية كالحق المطلق في تنظيم المظاهرات والاعتصامات والإضرابات والحق في تأسيس الأحزاب والمشاركة فيها دون بطش والحق في انتقاد السلطة بكل الوسائل وبأي شكل.

ربما إذا كانت هناك هذه الضمانات أعود ولكن لكي أعود وأصمت هذا لن أقبله فأنا رحلت فقط لكي لا أصمت وأنا لن أصمت في هذا الظرف الاستثنائي المرعب الذي تمر به مصر اليوم.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews