مقالات

هوس التخطيط للأهداف بداية كل عام.. هل نخطط على النحو الصحيح لحياتنا؟

بقلم: مهند أدهم

شبكة مراسلين
مقال بقلم: مهند أدهم

في هذا الوقت من كل عام يا صديقي يحمل كل منا أجمل الأمنيات والخطط التي يصبو إلى تحقيقها منذ اليوم الأول من العام الجديد حتى ختام آخر دقيقة منه، لكنه لا يدرك أن أمنياته ما زالت هي نفسها، يكررها في صفحة جديدة مع تغيير التاريخ فقط، آخر ما تحقق من أمنياته كان حصوله على شهادة تفوق في المرحلة الابتدائية في مسابقة الإلقاء بالإذاعة المدرسية، ومنذ ذلك الحين  أصبح مفهوم الإنجاز بالنسبة له مجرد حلم جميل لبضع ثوانٍ  يحاول فيه عقله أن يحقق بعض الانتصارات حتى لو كانت وهمية،  إنها مقدمة تعيسة أليس كذلك؟ معك حق ولم قد نتفاءل بالمستقبل القريب ونحن نرى ترسانة الصراعات تضرب بقوة في كل جوانب حياتنا وبشدة كأنها الليلة الأولى من الحرب العالمية؟ الدنيا مظلمة  والرشقات تتوالى في كل ثانية، يا صديقي الفرار لا يفيد، لكن انتظر! هناك بصيص من الأمل في نهاية الممر، هل يعقل أن يكون سرابًا؟
في هذا التقرير سنتعرف على الإجابة في سطور جميلة من أجلك.

بداية الصراع

يستيقظ الشاب في مقتبل العمر لينظر في المرآة مع بداية العام الجديد وهو يمني نفسه بأن هذا العام سيكون مختلفًا عما مضى، إنه شاب يعيش حياته على هذه الأمنية، أن تحدث معجزة من المعجزات تقلب حياته رأسًا على عقب، كأن يرث مبلغًا يصل إلى مليون دولار أمريكي فتنتهي جميع مشاكله، المال لا يتساقط من السماء وهو يدرك ذلك، لكن يا عزيزي نحن في بداية العام وهرمونات التمني في أعلى مستوياتها، فلماذا لا يحدث ذلك! لكن هذا الشاب لا يدرك أن هذا العام ليس سوى نسخة مكررة من الأعوام التي سبقته، لأنه لم يحرك ساكنًا، بالطبع إنه يخوض حربًا لا يعرف عنها أحد، حربًا وهمية تهلك فيها نفسه بالتمني دون أي فعل، يقف ليخبر نفسه بأنه القائد المغوار لكن على أسطول من أشتات الأهداف التي لا تعرف وجهتها، هل هذه حقًا حياة؟

القائد ينطلق بينما الواهم ينام

ما سردناه هو حياة الملايين من الناس، يستيقظ أحدهم ليشارك في التريند السنوي الخاص بأهداف العام الجديد ويشاهد متسليًا الفيديوهات التي يتحدث فيها الناس عن أحلامهم التي يتطلعون إلى تحقيقها ويقول في نفسه إنهم محظوظون، لا يا صديقي، الموضوع لا يعتمد على الحظ، ولا حتى الذين يقومون بعمل الفيديوهات يمكن الاعتماد عليهم تمامًا في أنهم يحققون أهدافهم هم أيضًا – إلا من رحم ربي- فما أنت إلا رقم ضمن مشاهداتهم.

القائد الحق في حياته هو الذي يعمل ويترك أثره فعليك أن تدرك أن هذه الحياة متعبة سواء كنت حالمًا أم قائدًا، لكن العبرة في النتيجة،  فأنت ستتعب أيها المتكاسل في نظام حياتك والقائد سيتعب هو أيضًا في نظام حياته الذي وضعه، ولكن الفرق هو في النتيجة، فأنت ستظل في معاناتك بل وستزداد عليك لأن الدنيا لا ترحم أحدًا، وفي ظل الضغوط الاقتصادية العالمية الحالية فإن الدنيا لا تميل لنصرة المتكاسل.

بينما القائد رغم تعبه فسيحصد ثمارها، هل تريد أن تصبح في زمرة الكسالى ترتفع هرموناتك مع بداية كل تريند يتحدث عن تحقيق الأحلام والتخطيط للأهداف لكن كل ما تفعله هو أن تغذي هذا الشعور دون فعل أم تنطلق لتحقيق ما تصبو إليه؟ لاختصر عليك الأمر، لابد من التعب لكن الاختيار السليم للرحلة يجعل التعب ممتعًا حتى في كل خطواته، فالطريق الصحيح نهايته صحيحة، وكما نقول أفضل طريق بين خطين هو الخط المستقيم.

أفضل طريق بين خطين هو الخط المستقيم

طالما أكملت القراءة إلى هنا فأنت تبحث عن الحل، لأن المتكاسل الحالم لن يكمل القراءة إلى هذه النقطة، لذلك أحييك على نجاحك في الخطوة الأولى وهي الرغبة في النجاح الحقيقي، معادلة النجاح سهلة تبدأ بالتعلم ثم التجربة العملية ثم التعلم من الأخطاء والتحسن ثم حصد النتائج وما نسميه الخبرة، في حياتك عليك أن تضع مجموعة من المبادئ حجر أساس كي تستطيع التأقلم بسرعة وتحقيق هذه الأهداف التي شابت في درج مكتبك، وهي:

1- “عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي ، فقال : كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل” وهذه هي القاعدة الذهبية الأساسية أن هذه الدنيا ليست هي الحلم ليست هي المقصد ليست هي الهدف النهائي بل هي المحطة التي نزرع فيها كي نحصد في الآخره، المبدأ الأساسي الذي يغيب عنا أننا نجري وراء الدنيا وليس وراء الآخره، فنحن نخطط للدنيا ولتحقيق المال
والشهرة والسلطة وما شابه ذلك وننسى أن أعلى الناجحين سيكون مكانه التراب
وأفشل الفاشلين مكانه أيضًا التراب في هذه الدنيا الفانيه.

هذه ورقتك بها أعمالك التي سترى نتيجتها يوم القيامة بإذن الله، وعندما نضع مبدأ أن تتعامل في الدنيا كأنك عابر سبيل فسوف تضبط بوصلتك قبل أن ترتحل في بحر الدنيا، ولكن هل هذا يعني أننا لا نخطط للعيش في الحياة الدنيا ؟ بالطبع ليس هذا المقصد فالآيه الكريمة تقول قال الله تعالى “وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ” سورة القصص، الأساس هي الآخرة لكن لك نصيب في الدنيا كذلك لكن نحن نخلط فنجعل الأساس هو الدنيا ونعطي بعض الوقت – أو قد ننساه – للآخرة
إلا من رحم ربي، اضبط بوصلتك فهي معيارك قبل التحرك.

2- لا تجري وراء التريند، فكما كانت تقول الجدات قديمًا “الذي يتحدث لا يعمل والذي يعمل لا يقول”، وأيضًا “داري على شمعتك تقيد وتنور”، وما شابه ذلك، التركيز هنا أن لا تجعل الحديث عن أهدافك يشبع رغبتك النفسية وكأنك حققت هذه الأهداف بالفعل، فالحديث الكثير عنها يجعلك تشعر أنك بالفعل وصلت لها وهو فخ نفسي كبير، أجل لك الحق في الحديث والفخر بهدفك لكن نحن لسنا في مكلمة والواقع يشيد بمن يتحرك وليس بمن يلقي أبيات الشعر والقصائد في حب أمنياته التي يطمح إليها، فهنا نصيحتي الذهبية ضع أهدافك في ورقتك الجميلة بخط مميز مثلك ثم انطلق فورًا نحو التخطيط لتحقيق كل هدف منها.

3- بخطوات صغيرة نحقق نجاحات كثيرة، وهي قاعدة نمارسها بشكل تلقائي في حياتنا لكن عند الأهداف تشل عقولنا فجأة، عندما كنت صغيرًا هل وصلت للمشي مرة واحدة ؟ بالطبع لا، كنت في البداية تحبو تزحف ثم بعد مدة تحاول التشبث بالطاولة للوقوف فتقع، ثم بعدها تقف، ثم بعدها تخطو خطوة، ثم بعدها تقع، ثم تقوم ثم تحاول ثم تخطو خطوة ثانيه ثم خطوات ثم مشي ثم وقوع ثم مشي ومشي ومشي ثم جري ثم القفز والحركات البهلوانية الحلوة، تحقيق الأهداف يكون هكذا، الحماس بتحقيق الإنجازات الكبيرة من أول خطوة سيجعلك تقع على رقبتك ولا تقوم من بعدها.

4- ابدأ، فمهما كانت الظروف فقط ابدأ، فالظروف لن تتحسن أبدًا أو الأصح لن تصبح مثالية لتحقيق هدفك، وإن انتظرت فسوف تنتظر عمرك كله تقريبًا، فقط ابدأ، العجيب في هذا الأمر أن الظروف بالفعل تتحسن عندما نبدأ، لأن الحياة تميل للفعل وليس للانتظار والتمني، فاصنع ظروفك المناسبة يا صديقي بإذن الله وحوله وقوته.

حسنًا أنت الآن على طريق القادة، اعرف أنك تعرف هذه النصائح التي طرحتها لك، إنها ليست بالجديدة فعلًا، وسأصدمك أنك لن تجد نصائح جديدة غالبًا، الحديث عن النجاح معروف وأيضًا سهل، الصعب في التنفيذ، الصعب في أن تتحرك، الصعب في أن تجعل خطتك تتمحور حول أن تكون أهدافك الدنيويه طوق نجاة لك في الآخرة وتبتغي بها مرضاة الله عز وجل، نحن سنعيش هذه الدنيا لبضع سنوات فقط لكن الآخرة والعيش في الجنة يستحق والخلد فيها يستحق أن تخطط له نعم التخطيط، فهذه هي الخطة التي لن تخيب أبدًا، كم عمرك الآن ؟ سنين مرت من حياتك، ماذا فعلت فيها ؟ إذا حان الوقت الآن لكي تستيقظ، لا تكن كالحالم بل كالقائد الذي يعرف طريقه وينطلق إليه.

حتى لا تكون هذه الكلمات حجة علينا فلابد أن أضع لك النصيحة العملية التي تتلخص في هذا القول “اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا”

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews