مقالات

يناير عبرة وفكرة

بقلم: ‎محمد سعد الأزهري‎

شبكة مراسلين
مقال بقلم: محمد سعد الأزهري

تلعب الأحداث التاريخية دورها المؤثر في تاريخ الأمم والشعوب وتخط خطًا عريضًا على صفحات التاريخ الوطني.

لم يكن يتخيل كاتب أو مؤلف ارتباط يناير بأحلام الشباب وأمال الجيل.

وبينما تجول الفكرة في الأذهان والعقول فتوقظها وتشحذها وتبعث فيها الأمل والتفاؤل وتجدد الحلم عند الشباب خاصة والشعوب عامة وهي هي نفس الفكرة التي تؤرق أجهزة الدول وأنظمة الحكم وسدنة النظام القائم .

ولا أدري لماذا يستمر هذا الاختلاف والتناحر والعداوة والخصومة بين الحكومات وشعوبها ولا سبب لتعارض أحلام وآمال الحكام وشعوبهم لماذا لا يتفق المسار ويتحد جسد الدولة وتتشارك فيه العقول والقلوب والرغبات والأمنيات .

لا أجد مبررات عبر التاريخ إلا مصلحة المجموعة المتنفعة التي تتواجد دائما بين الحكام وشعوبهم وبين أنظمة الحكم وأمتهم لا لشيء إلا لضمان بقاء منافعهم ومناصبهم ومستحقاتهم، مثلهم في ذلك مثل سفرجي الباشا وبواب الباشا وجنايني الباشا وسائق الباشا وناظر مزرعة الباشا الذين يتمتعون مع الباشا في بيته وخيره ومزارعه وقصوره حتى ولو كانوا خدما وسعاه إنهم هم الذين يشتمون ويهينون ويتطاولون على الفلاحين الذين يعيشون مع الباشا في مملكته وعزبته وأرضه.

شعار باق مثل بقاء الأفكار

كان الشعار الباقي والدائم الذي نادى به شباب الأمة في جميع الدول عيش – حرية – عدالة إجتماعية- كرامة إنسانية .
كان ومازال وسيبقى ويستمر أيقونة الشباب والأجيال ومحركها.
وكان ومازال وسيبقى ويستمر سبب أرق وازعاج وخوف ورعب الحكام وسدنة نظم حكمهم وعلمائهم وحاشيتهم ورجال مصالحهم وأعمالهم وخدمهم بالطبع.

ثبات المسار وتغيير المسار

إن المسار سيظل على ماهو عليه لا طريق غيره ولا سبيل لتحقيق الآمال والأحلام سواه لكن الذي سيتغير ويتطور دائما هو الشعاركما حدث وتطور سريعا في كل الدول (الشعب يريد)

الخوف المكبوت

إن الخوف المكبوت سيموت لا محالة مثله مثل أي مشاعر مكبوته أو مخفية ولقد كان الخوف من صور الرئيس المنتشرة في كل مكان والمرفوعة في كل ميدان وكأنها عين جواسيسه ومع الرهبة الكبيرة والقديمة التي تبددت وتحولت بشحنات عكسية حولت الإحترام إلى استهانة والخوف إلى سخرية تناولت صور الحكام وتماثيلهم المنتشرة بالميادين إلى أدوات لعب وترفيه واستحانة وسخرية واستحقار وإذلال.

تحقق الأحلام

لابد من وقت يفيق فيه النائم ليجد ما كان يحلم به واقعا وهو يردد (هذا تأويل رؤياي قد جعلها ربي حقا) لكل شيء وقته وظروفه وملابساته وأدواته ووسائله التي لا يستطيع أحد أن يتنبأ بميعاد توفرها واكتمالها وبزوغ فجرها ونضج ثمارها.

نقاء التضحية وبراءة المطالبة

بأقدام أطفالنا العارية .. يمينا وبالخير والعافية
إذا لم نعفر جباه الطغاة .. على هذه الأرض الحافية
ولا ذكرتنا بغير السباب .. أو اللعن أجيالنا الآتية

لم تكن أبدًا براءة الذين طالبوا بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية يوما ذنبا يعاقبون عليه ولم تكن دماء الشهداء وأعضاءهم المصابة أو المبتورة جريمة أو تهمة يحاسبون عليها إنها جميعا كانت درسا وتمهيدا ومسارا أنار الطريق ووضع علامات وكتب إرشادات وسجل توصيات حتى لا تتيه الأجيال القادمة ولا ينحرف مسارهم ولا تتشتت أفكارهم ولا تذل أقدامهم ولا يقعوا في شباك خصومهم ولا تسرق حركتهم وجهودهم.

الاستبداد أم اليأس

أيهما أخطر على الأمم والشعوب والأفراد والجماعات والكيانات الاستبداد أم اليأس ؟
قد تعايش الناس عبر التاريخ القديم والوسيط والمعاصر مع المستبدين والحكام الظالمين تعايشوا وعاشوا معهم فترات زمنية طويلة أكثر مما كان يتوقعه مراقب أو حاكم أو مسئول.

لكن أخطر وأصعب شيء تواجهه الأجيال القادمة هو اليأس والقنوط إن اليأس يقتل الأرواح ويفتك بالإرادة ويدمر النفوس ويزهق الأرواح ويبدد الأحلام وينهك القوى من اليأس ولقد حذر الذكر الحكيم منه «ولا تيأسوا من روح الله»

يعالجنا الطبيب إذا مرضنا .. فكيف إذا مرض الطبيب

إن اليأس هو العدو الوحيد والخصم العنيد الذي،يمكنه الفتك بآمال وأحلام الأجيال في التغيير.

والشغل الشاغل والدائم للأنظمة الحاكمة الجاثمة على صدور الشعوب هي تحطيم الارادة وتشويه القدوات والقيادة ونشر اليأس والقنوط من أي تغيير أو نجاح إنها خطتهم الوحيدة وأدواتهم الحصرية والتي لا يتورعون عن فعل أي شيء وبأي طريقة وبأي ثمن لضمان أن يتغلغل اليأس في نفوس الناس ولذا وجب أن يكون شعار المرحلة القادمة كفرت بعهد الطغاة والبغاة .. وما زخرفوه وما زيغوه.
أنا ابن الشعب أنا حقده .. الرهيب أنا شعره أنا ساعده

ما الذي ينقص هذا الجيل عن استكمال المسير

ما سبق كان توصيفا لا يخفى على المتخصصين وسردا لحفظ الأحداث من التزوير والتغريب وسجلا ليكون لمن خلفنا دليل.
لكن الصراحة والوضوح يحتم علينا الاعتراف بالتقصير الذي قد يصل إلى حد الفشل واذا لم تبذل المهج والأرواح والأنفس لإصلاحه ربما سيكون تواطؤا وخيانة .

أسرد أهم العوامل المفقودة والأدوات المعدومة والواجبات المفروضة الآن والتي تحول بين الشعوب وتحقيق حريتها وكرامتها والعيش،في عدالة وكرامة واهمها:-

1  العجز عن الاتفاق وبناء هيكل ينظم الحراك ويوجه المسير ويحفظ الفكرة ويبني القيم ويؤسس المبادئ ويجهز الكوادر ويعد الخطط ويصوغ الرسايل ويلهم الجميع.

2 – ضعف الخطاب السياسي وترك المايكات والأقلام في أيدي إعلاميين إما مؤدلجين وإما موجهين وإما مأجورين وإما على أقل تقدير غير متخصصين .
بينما وجب ومنذ عشرة أعوام تبني خطابات سياسية موجهة إلى:

• النظام العالمي.
• الحكومات التي تتبنى الوفاء للشعوب بحقوقها وتدعم الحريات وهي كثيرة من جنوب إفريقيا إلى ماليزيا إلى تركيا إلى الأرجنتين إلى فنزويلا.
• الحكومات الحالية حتى التي تعادي الفكرة وتحارب الشعوب وتقهر كل حراك هناك رسائل لكل نوع ومتخصصة لمخاطبة المصالح التي لا غنى لحكومة أو دولة عنها يعلمها أهل الاختصاص.


3 – التمويل: وذلك ما تحرص عليه القوى السياسية المعادية حتى لا تستمر شعلة التغيير أو حركات التصحيح وهذا أيضا له طرق للحصول عليه دوليا وعبر المؤسسات يعلم طرق الحصول عليه أهل الاختصاص والخبرات.
4 – غياب البرنامج السياسي:
حتى الآن وبرغم مرور قرابة المائة عام كاملة على وجود كيانات سياسية مخضرمة لكنها ورغم كل إمكاناتها المادية وكوادرها البشرية لن تتقدم للأمة أو لشعوبها على أقل تقدير ببرنامج متكامل مغري يكسب ثقتها وتأييدها ويلتف حولها ولكن للأسف تقضي الكيانات الموجودة كالإخوان المسلمين والجماعات السلفية والأحزاب السياسية العتيقة والجمعيات الإجتماعية جميعها وكأنهم اتفقوا على تدمير البناء السياسي ومحق الفكر الاستراتيجي وطرد كل كفاءة من أتباعها تظهر عليه علامات النبوغ والتميز والقيادة المجتمعية والسياسية أو أن يكون مبدعا ومؤطرا للإدارة والهيكلية والتخطيط والاستراتيجية حدث كل ذلك أمام أعيننا وصمتنا عنه اشتراك في المؤامرة وخيانة للأجيال وتواطؤ على الخذلان .
5 – غياب القيادات المؤهلة:
وبالطبع فإن القيادات المؤهلة تكون نتاج الممارسة والتفاعل والتجربة وللأسف حرمت أجيال كاملة من المشاركة والتفاعل والإدارة في أنظمة الحكم وإدارة الدولة ومع ذلك فإن الكوادر الإدارية الفذة والملهمة موجودة داخل شباب الحركات والمحركات بالإضافة إلى الحصر والبحث الذي يجب على الحراك القيام به من تسجيل الكفاءات الحالية والتي تعمل في الدولاب الحكومي وتساعد الأنظمة الحالية لكنها تشتهر بتبنيها للقيم والمبادئ والأخلاق والسلوك المشرف وهؤلاء موجودون وبودرة في طول البلاد وعرضها.

لو كان الأمر بيدي

لو كان الأمر بيدي لبدأت من الآن بتجميع فرق عمل في جميع التخصصات داخل كل دولة في العالم وفتحت المجال لأقلامهم والسماء لأحلامهم والأرض لجهدهم وإمكاناتهم وأعطيت لكل واحد فرصته ومكانه في مجاله ولوحدت القلوب جميعها حول بلدهم ولزعت الرحمة في قلوبهم والاخلاص في أعمالهم والتفاني في إبداعاتهم ونثرت فوق رؤسهم دعوات المظلومين وآهات المكلومين ودمعات المقهورين وأطلقت لكل واحد الحركة قدر استطاعته والتواصل قدر طوله وأرسلت الوفود للحكومات والدول وطلبت منهم استقبال الشباب وتعليمهم وتدريبهم وتجهيزهم وفتحت باب الرعايات والتبرعات والوقف ووضعت إدارته بين يدي عمالقة الاقتصاد والاستثمار حتى تكون الحركات بلا توجيه ولا أسيرة لراعي ولا عميلة لجهة وأرسلت إلى رأس النظام ورجال دولته وشرطته وجيشه وأمنه وعلمائه ولادة فكره لإيجاد حلا مرضيا تصان به الداء وتعطى فيه الحريات ويجمع فيه شمل العائلات وترد فيه المظالم وتعالج فيه نفوس وأرواح لترجع لحمة الوطن واحدة بطيف واحد وهدف واحد هي مصلحة البلاد مهما كانت التضحيات .

إن المعارك الصفرية التي يراد بها إهلاك طيف عن بكرة أبيه معارك لا يقودها إلا كل غر سفيه لا يعرف من التاريخ درسًا ولم يعي من الزمان موعظة وهذه الأيام أكبر دليل وأصدق شاهد إن الحكم لا يدوم والأنظمة إلى زوال وسنن الله في كونه غلابة لا تستطيع حكومة ولا جيشا ايقافها ولا اعتراضها

«سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون»
«سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا»

وقد قال الإمام علي – رضى الله عنه – في حكمه التي يجب أن تحفظ وتدرس للحكام والرؤساء:
لا شيء مما ترى تبقى بشاشته .. يبقى الإله ويفنى المال والولد
لم تغني عن هرمز يوما خزائنه .. والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولا سليمان إذ تجري الرياح له .. والإنس والجن فيما بينها ترد
أين الملوك التي كانت لعزتها  .. من كل أوب إليها وافد يفد

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews