تقرير يكشف حجم إجمالي ديون مصر ومواعيد سدادها وأكبر المقرضين
كشف تقرير اقتصادي، حجم الديون الخارجية في مصر، ومواعيد سدادها، وأثرها على الازمة الاقتصادية الحاصلة في مصر، حيث عزا محللون اقتصاديون الارتفاع الضخم في حجم الديون المصري إلى ثلاثة أسباب رئيسية، في مقدمتها الارتفاع الكبير في حجم الاستثمارات الحكومية والإنفاق على البنية التحتية، وخطة التحفيز التي أطلقتها الحكومة المصرية لمواجهة جائحة كورونا، فضلاً عن تداعيات الجائحة وحرب أوكرانيا على الاقتصاد.
حجم ديون مصر الخارجية والداخلية منذ ثورة 2011 وحتى الآن
كشف التقرير المنشور على “رويتر” أن حجم ديون مصر الخارجية كان 34.9 مليار دولار في عام 2011 وقت اندلاع ثورة 25 يناير، وارتفعت إلى 43.2 في عام 2013، وبلغت 48.1 مليار دولار في العام 2015.
وواصل الدين التضخم بوتيرة كبيرة مسجلاً 56 مليار دولار تقريباً في 2016 ، ما أدى السلطات المصرية لاتخاذ قرار التعويم، ثم بلغت 79 ملياراً في 2017 و92.6 مليار دولار في عام 2018 وتجاوز المئة في عام 2019 عند 108.7 مليار دولار، وبلغت الديون 123.5 و137.9 مليار دولار في عامَي 2020 و2021 على الترتيب.
ويعتقد أن حجم الديون المصرية المسجلة بلغ في منتصف عام 2022 نحو 157.8 مليار دولار.
وفي عام 2022، بلغت نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي 33.9%، أي أنها لا تزال في نطاق الحدود الآمنة نسبياً، وفقاً للمعايير الدولية، التي ترى أن النسبة آمنة ما دامت أقل من 60%.
ومع ذلك، عند إضافتها إلى الدين المحلي، الذي أصبح يعادل 255 مليار دولار وفقاً لأسعار الصرف في عام 2021، فإن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي تصير 89.84%، وهي أعلى بكثير من الحدود الآمنة.
وفي يناير 2022، وصلت نسبة إجمالي الدين الحكومي العام (خارجي وداخلي) إلى الناتج المحلي الإجمالي 91.6%، بعد أن كانت 87.1% في 2013، وهي مرشحة للتزايد.
الاحتياطي الأجنبي في مصر
وتراجعت احتياطيات مصر من العملات الأجنبية السائلة إلى 26.7 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2022، انخفاضاً من 29.3 مليار دولار في أبريل 2022، وفقاً لمؤسسة “موديز” الأمريكية، بينما ارتفع صافي المطلوبات الأجنبية من 13 مليار دولار إلى 20 مليار دولار خلال نفس الفترة الزمنية.
ونتيجة للأزمة الاقتصادية التي انفجرت بعد اندلاع حرب أوكرانيا، قام البنك المركزي المصري (CBE) بتخفيض قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ مارس/آذار 2022 – أي ما يعادل نحو 50٪، لتتراجع قيمة الجنيه الرسمية من نحو 15.5 مقابل الدولار إلى نحو 30.8 جنيه للدولار.
وطلبت مصر الدعم من صندوق النقد الدولي الذي تعهد بتقديم قرض بقيمة 3 مليارات دولار على مدار نحو 46 شهراً، وقرض من صندوق الطوارئ التابع له، بقيمة مليار دولار، إضافة لتعهد خليجي بتقديم تمويل ودعم واستثمارات بنحو 14 مليار دولار، وذكر هذا التمويل في اتفاق صندوق النقد، وتلقت مصر دفعات محدودة من القرض.
وسبق أن قدم صندوق النقد الدولي نحو 12 مليار دولار بعد اتفاق الإصلاح الاقتصادي عام 2016 ، ونحو خمسة مليارات دولار، خلال جائحة كورونا، وجعل ذلك مصر تستنزف حصتها من قروض صندوق النقد لتصبح ثاني أكبر مستدين منه بعد الأرجنتين، ويعتقد أن هذا الوضع هو سبب ضآلة حجم قرض الصندوق الأخير، رغم تزايد حجم الاقتصاد المصري وتضخم احتياجاته للدولار.
وخفضت وكالة “موديز إنفستورز سيرفيس” الأمريكية مؤخراً التصنيف الائتماني لمصر من B2 إلى B3 في 7 فبراير ، ويشير التصنيف الائتماني الجديد إلى قدرتها المنخفضة على امتصاص الصدمات، ويدفع هذا التصنيف البلاد إلى مزيد من السندات الباهظة غير المرغوب فيها، الأمر الذي ينذر بتضخم الديون.
وفي مذكرة بحثية صدرت في أغسطس 2022، كشفت مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس أفريكا” عن أن مصر بحاجة إلى “تفادي خطر التخلف عن السداد، لكن مصر ليست سريلانكا – فهي لديها احتياطي أعلى بكثير وخيارات تمويل أفضل بكثير في المستقبل، واعتبر أن مشكلة مصر يمكن السيطرة عليها من خلال سياسات أكثر صرامة ودعم الدائنين الرسميين”.
ومن المتوقع أن يرتفع الدين القومي لمصر بشكل مستمر بين عامي 2022 و 2027 حيث سيزيد بنحو 217.7 مليار دولار أمريكي (+75.35٪)، لتصل ديون مصر عام 2027 إلى 506.58 مليار دولار أمريكي، حسب تقرير لموقع Trading Economics.
وكان من المتوقع أن تنخفض نسبة الدين القومي إلى الناتج المحلي الإجمالي لمصر بشكل مستمر بين عامي 2022 و2027 بإجمالي 9.3 نقطة مئوية.
ويتوقع أن تبلغ النسبة بنحو 79.89٪ في عام 2027، ويسعى صندوق النقد للضغط على الحكومة لضغط النفقات لتحقيق هدف خفض نسبة الدين للناتج المحلي.
وتضاعفت نسبة ديون مصر الخارجية إلى الصادرات المصرية من 212٪ في العام المالي 2016/2017 إلى 259٪ و306٪ خلال السنتين الماليتين الماضيتين على التوالي. هذا ليس فقط بسبب القفزات الهائلة في أرقام الديون الخارجية، ولكن أيضاً لعدم القدرة على زيادة الصادرات مقارنة بالزيادات في الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يؤكد ليس فقط ضعف القطاعات الإنتاجية المصرية، ولكن أيضاً عدم قدرتها على اختراق الأسواق الدولية.
يُشار إلى أن فوائد الدين الخارجي التهمت 9.3٪ من حصيلة الصادرات المصرية في العام المالي 2020/2021، مقابل 3.3٪ فقط في نهاية العام المالي 2016/2017.
أبرز المقترضين داخل مصر؟
نشأت غالبية الديون الداخلية بسبب اقتراض الحكومة من البنوك المحلية.
وبحسب شركة التصنيفات “ستاندرد آند بورز”، فإن مصر يُتوقع لها أن تتخطى تركيا بوصفها أكبر مصدر للديون السيادية في الشرق الأوسط، مع ملاحظة أن الاقتصاد التركي أكبر بشكل ملحوظ عن نظيره المصري.
وجاءت غالبية الدين الخارجي المصري بين عامَي 2013 و2022 من بيع السندات في الأسواق الدولية. وجاءت هذه الديون كذلك من مؤسسات دولية، مثل صندوق النقد الدولي، والبنوك الدولية.
وكشف البنك المركزي المصري عن أن الدول العربية تمتلك 25.1٪ من الديون الخارجية لمصر، بينما يمتلك صندوق النقد الدولي نحو 15٪ منها، أي أن الطرفين يمتلكان نحو 40 من إجمالي الديون المصرية الخارجية.
وفي الشهر ذاته، أعلن البنك المركزي المصري أنه حصل على 13 مليار دولار ودائع من دول الخليج خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022.
ويعتقد أن الودائع الخليجية وصلت إلى 28 مليار دولار أمريكي من الودائع الجديدة أو المُرحَّلة منذ عام 2016.
وهناك 11.8 مليار دولار أخرى مستحقة للبنك الدولي للإنشاء والتعمير، و4.7 مليار دولار لبنك الاستثمار الأوروبي، و3.1 مليار لبنك التصدير والاستيراد الإفريقي، و2.7 مليار دولار لبنك التنمية الإفريقي.
وبحسب جدول سداد الدين الخارجي متوسط وطويل الأجل كان يتعين على مصر سداد 8.57 مليار دولار خلال النصف الثاني من العام الماضي، ولم تُفِد أي تقارير بتخلف مصر عن سداد ديونها، مما يشير إلى سدادها أو تأجيل بعضها.
وفي 2023، يجب سداد 9.33 مليار دولار في النصف الأول من هذا النوع من الديون، و8.32 مليار دولار في النصف الثاني، وهذه الأرقام قبل اتفاق صندوق النقد المبرم في مطلع العام، ولا تشمل على ما يبدو بعض الديون قصيرة الأجل.
وفي 2024 يجب سداد 10.9 مليار دولار في النصف الأول و13.3 مليار دولار في النصف الثاني من العام، مما يجعل 2024 عام الذروة في استحقاقات الديون المصرية، وفقاً لصحيفة “إندبندنت عربية”.
وخلال عام 2025 يجب سداد 9.3 مليار دولار في النصف الأول و5.8 مليار دولار في النصف الثاني من العام.
ولكنَّ تقريراً لمجلة Forbes الأمريكية يقول إن الديون المصرية المستحقة في السنة المالية عام 2024، تبلغ 20.4 مليار دولار، و23.2 مليار دولار في العام التالي، أي أن عام الذروة سيكون في 2025، وفقاً لهذا التقدير، وهذا يشمل على ما يبدو الديون القصيرة والمتوسطة وطويلة الأجل.
أما في عام 2026 فيتعين سداد 6.6 مليار دولار خلال النصف الأول من العام بخلاف 10.2 مليار دولار خلال النصف الثاني من ذلك العام.