تقارير و تحقيقاتمقالات

استئناف الحرب على غزة وتداعياتها الإقليمية والدولية

بقلم: وليد شهاب

في ساعات الصباح الباكر من يوم الثلاثاء الموافق 18 آذار – مارس، استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة بعد شهرين من وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة دولية. أدت الغارات الجوية الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 430 شخصًا وإصابة مئات آخرين، مما أثار موجة جديدة من الغضب والتنديد الدولي. هذا التصعيد العسكري يأتي في سياق مفاوضات متعثرة بين إسرائيل وحركة “حماس”، وفشل الجهود الدبلوماسية لتمديد وقف إطلاق النار.

في هذا المقال، سنحلل الأسباب الكامنة وراء استئناف الحرب، والتداعيات الإقليمية والدولية لهذا التصعيد، بالإضافة إلى الآفاق المستقبلية للأزمة.

خلفية الأحداث

بدأت الأزمة الأخيرة في قطاع غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، عندما شنت حركة “حماس” هجومًا مفاجئًا على إسرائيل، مما أدى إلى مقتل وإصابة مئات الإسرائيليين. ردت إسرائيل بحملة عسكرية واسعة النطاق، أسفرت عن مقتل أكثر من 158 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.

في 19 كانون الثاني/يناير 2025، تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة مصرية وقطرية، شهد إطلاق سراح 33 رهينة إسرائيلية وخمسة تايلانديين، مقابل إطلاق سراح نحو 2000 أسير فلسطيني. ومع ذلك، فشلت المفاوضات في تحقيق تمديد لوقف إطلاق النار، مما أدى إلى استئناف العمليات العسكرية.

أسباب استئناف الحرب

1 – فشل المفاوضات حول الرهائن
أحد الأسباب الرئيسية لاستئناف الحرب هو فشل المفاوضات حول إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين في غزة. وفقًا لتصريحات مسؤولين إسرائيليين، رفضت حركة “حماس” إطلاق سراح الرهائن الـ59 المتبقين، مما دفع إسرائيل إلى استئناف العمليات العسكرية.


2- الخلافات حول شروط وقف إطلاق النار
كانت إسرائيل تسعى لتمديد وقف إطلاق النار لفترة أطول، بينما أصرت “حماس” على الانتقال إلى مفاوضات لإنهاء الحرب بشكل دائم والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة. هذا الخلاف في الرؤى أدى إلى تعثر المفاوضات وفشل الجهود الدبلوماسية.

3 – الضغوط الداخلية في إسرائيل
تواجه الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ضغوطًا داخلية كبيرة من قبل عائلات الرهائن والجمهور الإسرائيلي، الذي يطالب بالإفراج عن الرهائن المتبقين. هذه الضغوط دفعت الحكومة إلى اتخاذ قرار استئناف العمليات العسكرية.

التداعيات الإقليمية والدولية

1 – التداعيات الإنسانية في غزة
أدت الغارات الجوية الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 430 شخصًا وإصابة مئات آخرين، معظمهم من المدنيين. هذا التصعيد العسكري يزيد من معاناة سكان غزة، الذين يعانون بالفعل من أزمة إنسانية حادة بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ سنوات.

2 – ردود الفعل الدولية
أثار استئناف الحرب موجة من التنديد الدولي، حيث أدانت العديد من الدول والمنظمات الدولية العمليات العسكرية الإسرائيلية. دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف فوري لإطلاق النار واحترام القانون الدولي الإنساني.

• الموقف الأمريكي
أعلنت الولايات المتحدة، التي كانت تدعم الجهود الدبلوماسية لتمديد وقف إطلاق النار، أنها كانت على علم مسبق بالغارات الإسرائيلية. ومع ذلك، فقد دعت إلى وقف التصعيد والعودة إلى طاولة المفاوضات

الموقف العربي
الدول العربية، خاصة تلك التي وقعت اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل مثل الإمارات والبحرين، تواجه ضغوطًا لاتخاذ موقف أكثر حزمًا تجاه التصعيد الإسرائيلي. هذه الدول قد تلعب دورًا في الوساطة أو الضغط على إسرائيل لوقف العمليات العسكرية.

الموقف الأوروبي
الاتحاد الأوروبي، الذي يعتبر شريكًا رئيسيًا لإسرائيل، يواجه تحديات في تحقيق توازن بين دعمه لإسرائيل وحماية حقوق الفلسطينيين. قد يلعب الاتحاد الأوروبي دورًا في الوساطة أو تقديم مساعدات إنسانية لسكان غزة

الدور الإقليمي لإيران وتركيا
إيران وتركيا تلعبان أدوارًا رئيسية في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. إيران تدعم حركة “حماس” و”الجهاد الإسلامي” بشكل مباشر، مما يعزز من قدراتها العسكرية. تركيا، من جهتها، تدعم فصائل فلسطينية مختلفة وتقدم مساعدات إنسانية لسكان غزة. هذا التدخل الإقليمي يزيد من تعقيد الصراع ويجعل تحقيق السلام أكثر صعوبة.

4 – تداعيات على الاستقرار الإقليمي
استئناف الحرب في غزة يزيد من التوترات الإقليمية، خاصة في ظل وجود تدخلات إقليمية من قبل دول مثل إيران وتركيا، التي تدعم فصائل فلسطينية مختلفة. هذا التصعيد قد يؤدي إلى تفاقم الصراعات الإقليمية وزيادة عدم الاستقرار.

الآفاق المستقبلية

1 – إمكانية عودة المفاوضات
على الرغم من استئناف الحرب، فإن هناك إمكانية لعودة المفاوضات في المستقبل القريب، خاصة إذا تم تحقيق تقدم في إطلاق سراح الرهائن أو تخفيف حدة القتال.

2 – دور الوساطة الدولية
يمكن للوساطة الدولية، خاصة من قبل مصر وقطر والولايات المتحدة، أن تلعب دورًا رئيسيًا في إعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار.

3 – الحلول السياسية طويلة الأمد
لتحقيق استقرار دائم في المنطقة، يجب العمل على حلول سياسية طويلة الأمد تشمل إنهاء الحصار على غزة وإعادة إعمار القطاع، بالإضافة إلى إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.

الخاتمة

استئناف الحرب في غزة يمثل تطورًا خطيرًا في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، مع تداعيات إنسانية وسياسية وأمنية واسعة النطاق. تحقيق وقف دائم لإطلاق النار يتطلب جهودًا دبلوماسية مكثفة وإرادة سياسية من جميع الأطراف. في النهاية، فإن الحل الدائم للأزمة لن يتحقق إلا من خلال معالجة الأسباب الجذرية للصراع، بما في ذلك إنهاء الاحتلال وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews