مقالات

الثوابت والتغيرات

بقلم: ‎محمد سعد الأزهري‎

شبكة مراسلين
مقال بقلم: محمد سعد الأزهري

في الحياة قوانين ونظام وضع فيها لتسيير أمورها والمحافظة عليها لتكون صالحة لسكانها عبر ملايين السنين وهذه النظم والقوانين هي الثوابت .
وأما تمسك سكان الحياة ونزلاء المعمورة فتختلف تصرفاتهم وسلوكهم وردة أفعالهم مع هذه القوانين فمنهم من يعيش فيها وتنتهي حياته دون أن يشعر به أحد أو يسمع به مخلوق.
ومنهم من ينتظم في قوانين الحياة ويعيشها التزاما فأولئك تطول حياتهم وتقوم دولتهم وتُبنى حضارتهم ويرث آثارهم كل من يأتي بعدهم أو يمر بساحتهم أو ينزل بناديهم، تسمع بهم الدنيا كلها هم الايجابيون والمصلحون البناة الذين سمعت بهم الدنيا وتغنت بأفعالهم المناسبات وتحلت بذكرهم الجلسات وتدارس انتاجهم أصحاب الخبرات والمدارسات وهم في الغالب قلة نادرة بشمائل وخصال فريدة وهم كالمعادن النفيسة ندرة وقيمة.

وهم المتغيرات

كذلك في الشرائع والدين ثوابت لا يسمح باللعب فيها أو التحايل عليها أو الالتفاف حولها أو المساومة عليها أو التنازل عنها بأي حال من الأحوال وهي الفرائض والواجبات .
ومنها ما يمكن أن يتغير لظروف الحياة والأحوال والطبائع والاضطرار وذلك مرهون باجتماع الفقهاء والعلماء على القبول به كمتغير .
وفي تعاملات الناس فيما بينهم يظهر شيئان دائمًا الأول القيم والأخلاق وهي من الثوابت التي لا تتجزء ولا تتبدل ولا يزايد عليها أبدا وهي إما موجودة وثابتة وإما منعدمة فهي من الأمور التي لا تقبل التجزئة ولا التلون ولا المجادلة،
وهي من الثوابت الراسخة.

ثم تأتي السياسة وهي الموضوع الأكثر جدلا والأشد جذبا والأعنف مأخذا والأكثر شيوعا والدائم تغيره وتلونه وتبديله أو استبداله .
وهي عين المتغيرات وأساس التبدلات وتلبس كل يوم حلة غير التي سبقتها تتماشى بها مع المصالح وجودا أو عدما أو مماطلة أو مساومة أو تجزئة ومع المواقف قبولا أو رفضا أو مساومة أو مماطلة أو مداراة أو احتيالا نعم هذه طبيعتها ولكل حزب أو حكومة أو دولة أو جماعة لهم فيها تعريف وتأليف ومفاهيم ومصطلحات ووسائل وأدوات وغايات وممارسات.
فالثوابت مثل :-
الأمن القومي والمصالح العليا والتفوق العسكري والحماية الدولية والحفاظ على برامج الهوية ومدنية الدولة والحكم
كلها بالنسبة للأنظمة والحكومات العربية بوجه خاص والافريقية والدولية بوجه عام تعتبر من الثوابت المستقرة في وجدانها ومع ذلك كل ما سبق له تفسيرات وتعريفات وتعليلات وأشكال متغيرة على الدوام ومتشكلة بلا استثناء ومتطورة زيادة أو نقصان بلا جدال والأمثلة أكثر من أن تحصى.

ومن الثوابت بالنسبة للشعوب والأفراد والجماعات: الحرية والعدالة الاجتماعية والخبز والحياة الكريمة.

ثوابت في الشعارات متغيرة في التناول والتطبيقات فالحرية التي ينادي بها الجميع، السواد الأعظم يحصرها في حرية العبادة والتنقل والعيش والمذهب والأراء السياسية والفقهية ولكن اختلفت الممارسات شكلا وموضوعا في جمهورية مصر العربية ما بعد ثورة يناير، فلقد تحلل الجميع من كل القيود والبروتوكولات والأعراف الملزمة والأطر الحاكمة بحجة الحرية.
ضباط شرطة وجيش يطلقون لحاهم وشواربهم ضاربين بقوانين العسكرية المصرية وبروتوكولات الشرطة لأكثر من ٥٠٠ عام عرض الحائط وانحصرت الحرية في نظرهم في اللحية ولبس الثوب.
النساء بين تطرف زائد في الانفلات وتحجيم مبالغ بالحجاب لا فضيلة بين الطرفين.
وانطلق الممثلون والروائيون والكتاب لخلط السياسة التي لا يعرفون عنها غير اسمها بكل ما هو فن هابط، وإعلام مأجور ومعلومات مزورة وأحداث مفبركة.

ثم كانت الحرية المقيتة المميتة التي لم تحفظ عهدًا ولم تحترم سنًا ولم توقر مكانة فكانت حرية متحللة وليست متحررة تم الاعتداء بها على أفاضل الأمة وعلمائها وكبرائها حتى طالت رئيس الجمهورية بالطعن والسب والإهانة والتطاول على قيمته وقامته وكيان الدولة وكرامتها الممثل فيه ثم زاد الطين بلة ما نال القامة العالمية الكبرى في شيخ الإسلام فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف وباقي العلماء الأجلاء الفضلاء وكانت حلبة صراع للديكة كلما زاد السفه وقلة الإحترام وسوء الخلق وموت الضمير وسوء الذكر وفساد النيات وخراب الطوايا كانت المنزلة الإعلامية وأكبر شاهد ودليل ما رآه العالم وسمعه في الإثنى عشر عاما الأخيرة.

فالثوابت والمتغيرات في الحياة أكثر من أن تحصى والعقلاء فقط من يستطيعون التفريق والتفضيل بينها .
فالوطن ثابت والأنظمة متغيرة.
والمبدأ ثابت والفكرة متغيرة .
والقيم ثابت والسلوك متغير.
والوطنية ثابت و المواطنة متغيرة.
والتدبير ثابت والإجراء متغير .
إذن وباختصار وخلاصة: ننادي على كل الشباب والجيل الذي خُلطت الأمور عليه ودمج المتفارقات له ومزج الثوابت والتغيرات بين يديه واحتال كل فريق وكيان وجهة على كسب صف الشباب وولائه حتى حدثت المصيبة وتمت الجريمة في حق الشباب والفتيات وضاع جيل كامل تحت وطأة المؤامرات السياسية والتخطيط المدروس بخبث ومكر وخداع.
ومما يعاب على القيادات السياسية والنخب الوطنية وحركات الإسلام السياسي أنها دخلت معارك سياسية بدون تجهيز وترتيب واشتبكت في أكثر من جهة دون تخطيط وترتيب ونافست على كسب المواقف والقلوب وهما ضدان لا يجتمعان فمن يحرص على كسب القلوب لابد أن يتنازل في المواقف ويؤخر المواجهة ويتلافى الصراعات.
هل من رجعة ؟
هل من تصحيح للمسار؟
هل من تجميع الشرائح ولم الشمل؟
هل من مشروع وطني لإنقاذ البلاد حقيقة لا خيال؟
هل من عودة إلى أحضان الوطن والتلاحم مع أبنائه؟
هل من مسار يجمع الجميع حول هدف حماية الوطن وحراسة الأمة وإصلاح السياسة واعتبار قيمة الإنسان ؟
هذا وغيره من الملفات التي يمكننا البحث فيها والكلام عنها في مقالات لاحقة.
دمتم على وطن يعيش فيكم قبل أن تعيشوا فيه .

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews