التنمر الإداري العربي.. ما بين المصالح والنهوض

شبكة مراسلين
مقال بقلم: سامر سليمان
الشتم والتهديد، القذف والعنف والتنكيل، جسديا كان أو نفسيا، ممارسات كثيرة في أهرام القرار بلا حسيب، تظهر من متغطرس قوي أو من ضخام في الحجم والإدارة والسلطة، لتمارس بوجه الضعفاء والضامرين، فمنهم من كان تميزه سبب دماره، ومنهم من كان اخلاصه هو السبب في اختياره، وكان التنمر هو حله.
لكل مجتمع مميزاته، فمنهم من يثني بما لديه ليرتقي، وآخر يقتل الطموح في أرباب النفوس لدى قاطنيه. كثيرا ما يطرح من مفارقات ومقارنات على كل ما هو غربي المنشأ، من صناعة وحضارة ورقي، وما يوازيه من استهتار عربي من خلال منظوماته الإدارية الروتينية، مفقودة المرجعية باختلاف أماكن تواجدها، فالتنمر الغربي مفضوح ويمارس بشكل أكبر من الوضوح وما يكشفه، إحصائيات لعدة سنوات تتغير بتغير الأنظمة والحكومات والعصور، ولكن قرينه العربي وباء لقاحه أصم لا يمكن للجريء فضحه وللباحث طرحه. وكل ما ذكر يعتليه التنمر الإداري الذي يجد العالم العربي تربة خصبة ليبقيها منتظرة صدقة الآخرين في الوصول إلى التطور والرقي بكافة مناحي الحياة.
فمن كان قوي الخبرة والشخصية فليترك في القاع، فإن أظهر ما يملك فإنه سيكشف الكثير من الخبايا ويفضح كل من له نوايا، هكذا ينتظر الموظف في مؤسساتنا العربية مكافأته، ينتظر الإبعاد والقمع وديكتاتورية القرار، فإما أن يكون تبعا لمرؤوسه الرجعي المتفرد باتخاذ قراراته، أو الاستسلام لقرارات غير مسؤولة تنحني للمصالح الشخصية وطرد المصالح العامة التي تزيد من تطور المنظومة، فبتكرار هذه الممارسات يصبح فاقدا للانتماء، يخلق خوفا بين العاملين لينقسم العمل وتكثر الخبايا فمنهم من يتخذ استراتيجية الحمامة والذي يبتعد عن المحيط بأكمله عند شعوره بالخطر حفاظا على عمله ورزقه وقوت أسرته، تاركا خلف ظهره كافة التجاوزات والانتهاكات التي لحقت بالعمل. وآخرون يستغلون التقرب من أرباب عملهم في سبيل التودد ولنفس الهدف بأسلوب آخر، وبالتالي الحفاظ على أماكنهم مهما كانت القرارات والممارسات شرعية كانت أو غير ذلك. وهنا يكون قد ضرب بعرض الحائط كافة القوانين الإدارية والوطنية والأخلاقية في سبيل الوصول الى المصالح الشخصية أو لتحقيق مصالح لمتنمرون آخرون مخالبهم أطول وأكثر ضررا.
وللتنمر تبعات وآثار كثيرة، فقد كانت سببا رئيسيا لبداية قصة دامت لما يزيد عن 8 سنوات عجاف لحقت بدول ومجتمعات عربية كثيرة، بانفجار وغضب شعبي كان ركاما لسنوات من القهر والديكتاتورية والتفرد بالقرار، ليكون التنمر اليومي عنوانا لحياتهم، فلكل بداية نهاية نهضت بهذه الشعوب لتطعن قهر الماضي وليسدل الستار عن ظلمات مرت، والعمل من أجل بناء أسر ومجتمعات ودول يسودها الوحدة والانصاف.
فلا بد لهذه الممارسات أن يكون لها رقيب في كل محيط مهما كان صغيرا أو كبيرا، من لجان وجهات مختصة تراقب ما يحاك خلف الشاشات من مؤامرات ومصالح كونية تبدأ من الدوائر الصغيرة في مجتمعاتنا بهدف قتلها واحباطها واستراق كل كفاءاتها لتكون التبعية هي خيارنا الوحيد في الوصول إلى الأهداف المنشودة.