أبوبكر خلاف يكتب: عام من الحرب.. ودماء على فوهة الكاميرا
شبكة مراسلين
بقلم: أبوبكر خلاف
بعد مرور عام كامل على اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أعقاب أحداث ال 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023، شهد فيه القطاع الفلسطيني المحاصر أحداثًا مأساوية، شملت استهدافًا اسرائيليا ممنهجًا للبنية التحتية الإعلامية.
استهداف طال الصحفيين ومقراتهم وأدواتهم الإعلامية، فمنذ اللحظة الأولى للحرب، فرضت إسرائيل تقييدًا شديدًا على وصول المعلومات من داخل غزة، حيث منع الجيش الإسرائيلي دخول الصحفيين الأجانب باستثناء قلة منهم تحت شروط قاسية، مما أدى إلى تقليص كبير في التغطية الإعلامية الدولية.
ووفقًا لبيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة فإن 176 صحفيًا /ة قتلوا على يد الجيش الإسرائيلي في غزة، بينهم 32 على الأقل تم استهدافهم بشكل مباشر أثناء تأدية مهامهم الصحفية.
استهداف منهجي للبنية الإعلامية
لم يقتصر الأمر على استهداف الصحفيين بالقتل، بل شملت الهجمات تدمير مبانٍ إعلامية واعتقال صحفيين وتعذيبهم، بالإضافة إلى قطع الإنترنت والكهرباء بشكل متكرر. في ظل هذا الواقع القمعي، يجد الصحفيون الذين ما زالوا يعملون في غزة أنفسهم محاصرين في بيئة عدائية تعرضهم لمخاطر جسيمة.
هذا الاستهداف المنهجي أدى إلى عزل غزة إعلاميًا عن العالم الخارجي، في وقت تحتاج فيه الشعوب إلى معرفة ما يجري على الأرض في هذا الصراع. السلطات الإسرائيلية تبرر أفعالها بزعم أنها لا تستهدف الصحفيين بشكل مباشر، لكن تحقيقات مستقلة وشهادات عديدة تكذب هذه الادعاءات، مما يعمق الأزمة ويزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع.
تهديد بانقطاع الأخبار
استمرار استهداف الجيش الإسرائيلي للصحفيين بهذه الوتيرة يشكل تهديدًا حقيقيًا بانقطاع الأخبار القادمة من غزة. في حال فقدت وسائل الإعلام المحلية والدولية قدرتها على تغطية الأحداث في القطاع المحاصر بسبب القتل والاعتقال والترهيب، فإن العالم قد يجد نفسه في حالة من العمى الإعلامي عن الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب الفلسطيني. هذا التعتيم المتعمد يهدد ليس فقط الصحفيين، بل أيضًا الحق في المعرفة والمعلومات العامة، حيث يعتمد المجتمع الدولي على تلك التغطية لفهم وتقييم التطورات الجارية.
الإفلات من العقاب
رغم الشكاوى العديدة التي رفعتها العديد من المنظمات الدولية المعنية بحرية الصحافة إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم الحرب المرتكبة ضد الصحفيين، إلا أن الجناة لم يُحاسبوا بعد، ويستمر الاستهداف بلا عقاب. هذا المناخ من الإفلات من العقاب يعزز من تفاقم العنف ضد الإعلاميين ويضع مزيدًا من القيود على حرية الصحافة في غزة.
القمع الإعلامي يمتد خارج غزة
لم تقتصر الانتهاكات على قطاع غزة وحده، بل امتدت إلى مناطق أخرى من الأراضي الفلسطينية، مثل الضفة الغربية. خلال العام الماضي، اعتقل العشرات من الصحفيين الفلسطينيين ولا يزالون محتجزين في السجون الإسرائيلية. كما اقتحم الجيش الإسرائيلي مكاتب وسائل إعلام مثل قناة الجزيرة، وقيد وصولهم إلى المعلومات، في إطار حملة واسعة تهدف إلى السيطرة على الرواية الإعلامية.
الحرب في لبنان ومناطق أخرى
صدى الحرب في غزة تجاوز حدود فلسطين ووصل إلى بلدان أخرى في المنطقة، مثل لبنان، حيث قُتل ثلاثة صحفيين على يد الجيش الإسرائيلي خلال تغطيتهم للأحداث. رغم وفرة الأدلة على استهداف هؤلاء الصحفيين، لم يُحاسب أي جهة حتى الآن.
الدعوة إلى الحماية الدولية
مع مرور عام على الحرب، تؤكد شبكة محرري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على ضرورة توفير الحماية الفورية للصحفيين العاملين في غزة والمناطق المجاورة، كما تجدد دعواتها للمجتمع الدولي للتحرك ضد الإفلات من العقاب، وتدعو إلى فتح القطاع أمام الإعلاميين للسماح لهم بتغطية الأحداث بحرية ونقل الحقائق للعالم.
ختاما ، فإن العام الأول من الحرب في غزة شهد اعتداءات غير مسبوقة على حرية الصحافة. إذ تحولت وسائل الإعلام إلى هدف مباشر في هذا النزاع، مما أدى إلى تقليص دورها كناقل للمعلومات الحيادية. في ظل هذه الظروف، يتطلب المجتمع الدولي اتخاذ خطوات عاجلة لضمان حماية الصحفيين وفتح باب حرية التعبير والإعلام، لإنهاء هذا القمع الإعلامي المنهجي في غزة.