صحف أجنبية أطلقت عليه “أمير العسس”.. من هو أنس خطاب رئيس استخبارات سوريا الجديد؟

بمجرد أن تم الإعلان عن أنس خطاب رجل الظل في نظام أحمد الشرع رئيسا للاستخبارات في النظام السوري الجديد بعد سقوط بشار الأسد، حتى أطلقت عليه وسائل إعلام عربية وأجنبية هجوما كاسحا، وصل لحد تسميته بلفظ “أمير العسس” في إشارة ساخرة من الرجل الذي يطلق لحيته، كأول رئيس استخبارات دولية بلحية طويلة وبمرجعية إسلامية انطلق فيها من العمل بالقاعدة وجبهة النصرة وموضوع على قوائه الإرهاب.
وتعرض أنس خطاب لحالة من التنمر الشديد على وسائل التواصل الاجتماعي، سواء من فلول بشار الأسد أو من معارضين للحكم الإسلامي في العالم العربي، وحتى تعليقات الصحف الأجنبية ووكالات الأنباء.
من هو أنس خطاب؟
لعب أنس خطاب رئيس الاستخبارات السورية الجديدة المعروف بـ”أبو أحمد حدود” وعبر تكتيكات أمنية سريعة وخاطفة دوراً بارزاً في إنهاء خطر تنظيم دولة “داعش” واتباع أسلوب الاختراق، ويرجع له الفضل بعد ذلك باستقرار محافظة إدلب واستتباب الأمن فيها، على رغم انتقادات طاولته من قبل ناشطين حول كثرة السجون التي ما زالت مستمرة حتى بعد سقوط النظام، ومنها سجن يسمى “قاح” في ريف إدلب، شمال غرب سوريا.
صورة شخصية وحيدة أطلّ خلالها أنس خطاب بلحية لم تكن صادمة للسوريين بقدر كافٍ كما حصل منذ نشر صور أعضاء “حكومة الإنقاذ” التي تدير البلاد بعد سقوط نظام الأسد قبل أسبوعين، إذ أظهرت معظمهم بلحى، لكن المفارقة كانت أنها المرة الأولى التي تتولى فيها شخصية ملتحية، هو أنس الخطاب، رئاسة الاستخبارات العامة، إذ إن اللحية في زمن النظام السابق، ناهيك إطلاقها وحلق الشارب، تهمةً تستحق الاستجواب والتوقيف في أقبية أجهزة الأمن وفق مبدأ “الملتحي متهم حتى تثبت براءته”.
وبحسب “صحيفة اندبندنت البريطانية” بات أنس الخطاب يرأس الهرم الأمني في سوريا اليوم. وعلماً أنه الرجل الخفي، والذراع الأمنية للقائد العام لغرفة العمليات العسكرية، أحمد الشرع، لا يوجد تسجيل مصور أو صور تجمعه مع الشرع. ويُعد الخطاب شخصية استخباراتية تمكنت من تشكيل جهاز الأمن العام الذي كان له الدور في إعادة استتباب الأمن بعد الفوضى والفلتان الأمني الذي أعقب فرار رئيس النظام السابق بشار الأسد وسفره إلى موسكو.
قدرات استخباراتية
وكان “أبو أحمد حدود”، وهو اللقب الذي يحمله أنس الخطاب المولود في عام 1987 والمتحدر من مدينة جيرود في القلمون بريف دمشق، شغل مناصب رفيعة بتنظيم “جبهة النصرة” منذ نشأته، إذ عُرف عنه أنه الرجل الظل لـ “الجولاني” وتنقل بين مواقع عدة، مثل “أمير الجهاز الأمني والإداري”، ونائب قائد “هيئة تحرير الشام” بعد انضمامه في عام 2012 إلى “جبهة النصرة”، وأظهر قدرات استراتيجية واستخباراتية، حيث برع في تصفية كل الفصائل المتشددة والمنافسة لـ “هيئة تحرير الشام” وتأمين السيطرة على إدلب التي كانت مرتعاً للمجموعات المتشددة وأرضاً خصبة لتحركاتهم، لا سيما تنظيم “حراس الدين” من خلال تنفيذ عمليات دقيقة بغرض تفكيكهم.
دراسته
درس الخطاب الهندسة المعمارية، إلى أن التحق بالفصائل المتشددة في حرب العراق في عام 2008 للقتال ضد الجيش الأميركي، وهذا ما يرجح اعتماد الشرع (الجولاني آنذاك) عليه ونيله الثقة العالية، إذ شارك الشرع أيضاً في المواجهات ضد الأميركيين بالعراق.
في المقابل، اكتمل مشهد الصدمات والمفاجآت التي تلقاها الشارع السوري بعد سيطرة “هيئة تحرير الشام” (تحالف عسكري يضم مجموعات متشددة) إثر تعيين الشرع شخصيات إسلامية في مراكز سياسية وحكومية وعسكرية. ومع ترؤس “أبو أحمد حدود” رئاسة المخابرات ازدادت مخاوف الشارع السوري حيال استئثار الإسلاميين بالسلطات، وخفت لمعان فرحة إسقاط الأسد (2000 – 2024) الذي ورث الحكم عن والده حافظ الأسد (1970 – 2000).
على قائمة العقوبات
وأُدرج اسم أنس حسن خطاب على قائمة العقوبات المفروضة على تنظيم “القاعدة”، في 23 سبتمبر 2014. ويعتبر مجلس الأمن الدولي بحسب ما نُشر على الموقع الرسمي للأمم المتحدة، وفقاً لأحكام الفقرة 36 من القرار 2161، الخطاب مرتبطاً بتنظيم “القاعدة”، وشارك في “تمويل أعمال أو أنشطة جبهة النصرة لأهل الشام، والتخطيط لها أو تيسير القيام بها، والإعداد لها، وارتكابها أو المشاركة في ذلك معها أو باسمها نيابةً عنها، أو دعماً له، أو تقديم أي شكل آخر من أشكال الدعم للأعمال أو الأنشطة التي تقوم بها هذه الجهة”.
كذلك ورد في نص قائمة العقوبات أن “الخطاب أصبح الأمير الإداري لجبهة النصرة لأهل الشام في مطلع عام 2014 وفي أواخر عام 2013 كان أحد قادة جبهة النصرة والأمير الإداري العام لهذه الجماعة، وأصبح عضواً في مجلس الشورى التابع لجبهة النصرة. وفي منتصف عام 2013 اختار خطاب ثلاثة حراس شخصيين جدداً للقائد العام لجبهة النصرة أبو محمد الجولاني، وفي منتصف عام 2012 شارك في تشكيل جبهة النصرة، وكان يجري اتصالات دورية مع قيادة ‘القاعدة’ في العراق لتلقي المساعدات المالية والمادية، وساعد على تيسير التمويل والأسلحة لجبهة النصرة”.
وأُدرج تنظيم “القاعدة” على قوائم الإرهاب في السادس من أكتوبر 2001، تلاها الجولاني في 24 يوليو عام 2013، و”جبهة النصرة” في 14 مايو 2014، في وقت يسعى الشرع في دوره الجديد وعبر لقاءات ديبلوماسية رفيعة المستوى عربية وأجنبية، إلى تثبيت حكمه، وشرعنة حضور “الهيئة” ليكون المرشح الأوفر حظاً لرئاسة الجمهورية، إلا أن التعيينات التي تصدر تباعاً زادت المخاوف من توسع قبضة المتشددين على الحكم وسط غياب لقوى الثورة أو القوى السياسية في سوريا.