190 مليار جنيه.. ماهو أثر موجات التضخم على برنامج الحماية الاجتماعية للفقراء؟
أمر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الأيام الماضي، حكومته بداية من الشهر المقبل بدء تنفيذ حزمة برامج للحماية الاجتماعية، بقيمة 190 مليار جنيه، إلا أنه في ظل موجات التضخم المستمرة وانهيار الجنيه، تساءلت تقارير اقتصادية عن جدوى برامج الحماية الاجتماعية التي وضعها السيسي في مواجهة هذا التضخم.
وكان قد ناقش مجلس الوزراء برئاسة مصطفى مدبولي، يوم الأربعاء الماضي، جميع القوانين التي سيتم من خلالها تفعيل تلك الحزمة الكبيرة فيما يخص تعديل وزيادة المرتبات والعلاوات، التي تبدأ اعتبارا من أول أبريل المقبل.
وعرض مدبولي تفاصيل التكلفة السنوية لحزمة الحماية الاجتماعية البالغة 150 مليار جنيه؛ حيث أشار إلى أن 95 مليار جنيه من إجمالي المبلغ مُخصص لزيادة الحد الأدنى للأجور وقيمة معاش “تكافل وكرامة”، و55 مليار جنيه ستكون مُخصصة لزيادة المعاشات.
وتوزع تلك الحزمة بواقع 1000 جنيه لكل موظف من العاملين بالجهاز الإداري للدولة، بالإضافة إلى رفع الحد الأدنى للأجور للدرجة السادسة لتصبح 3500 جنيه، و5000 جنيه للدرجة الخامسة، كما تم رفع الحد الأدنى لحاملي الماجستير والدكتوراه، وزيادة المعاشات بنسبة 15%، وزيادة القيمة المالية لبرنامج “تكافل وكرامة” بنسبة 25%.
ونقلت قناة “العربية” عن عضو مجلس إدارة شركة “ايليت” للاستشارات المالية محمد كمال، استمرار الضغوط على الجنيه المصري خلال الفترة الحالية، والاتجاه نحو تخفيض قيمته بنحو 10% أمام الدولار، ما يؤثر على أسعار السلع في مصر.
وتابع كمال: “من المتوقع أن يتجه المركزي المصري لزيادة أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل بعد تلميحات جيروم باول رئيس الفيدرالي الأميركي بأنه قد تكون ثمة حاجة لرفع أسعار الفائدة على نحو أسرع وأعلى مما كان متوقعا لكبح جماح التضخم المستعصي”.
وأشار إلي أن مصر تتحمل، منذ بداية اندلاع الأزمة العالمية التي لا تزال مستمرة، جزءًا كبيرًا من العبء الناتج عن ارتفاع أسعار السلع والمواد الخام الأساسية، وخاصة القمح والسلع التموينية، والمواد البترولية التي ما زالت تدعم جزءًا كبيرًا جدًا منها، ولا سيّما السولار وأنابيب البوتاجاز.
ويقول رئيس الوزراء المصري، إن الأمر لا يعني مجرد حزمة بقيمة 190 مليار جنيه، لكن هذا العبء إضافي؛ وتم إضافة مبالغ إضافية لما كان مخططا له، فمثلا فيما يخص دعم السلع التموينية والخبز تحديدًا كان المخصص له من الدعم 97 مليارًا، سنضيف إليها 54 مليار جنيه أخرى، مؤكدا أن الدولة تسعى بقدر الإمكان لأن تساند المواطن في مثل هذه الظروف الصعبة.
وأوضحت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري أمس الخميس، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في مدن مصر قد ارتفع بأكثر من المتوقع إلى 31.9 % في فبراير الماضى، وهو أعلى مستوى في خمس سنوات ونصف العام، وذلك من 25.8 % في يناير السابق عليه.
وبلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية 161.3 نقطة لشهر فبراير 2023، مسجلاً بذلك ارتفاعاً قدره 7.1% عن شهر يناير 2023.
وبحسب بيان الجهاز، فإن أهم أسباب الارتفاع تعود إلى زيادة أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 9.2%، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 29.7%، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 19.5%، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 11.1%، ومجموعة الزيوت والدهون بنسبة 4.3%، ومجموعة الفاكهة بنسبة 10.8%، ومجموعة الخضراوات بنسبة 5.3%، ومجموعة البن والشاي والكاكاو بنسبة 7%، بالإضافة إلى مجموعة الدخان بنسبة 0.2%.
وسجل معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية 32.9% لشهر فبراير 2023، مقابل 10% للشهر المماثل من العام السابق.
وتتسارع وتيرة ارتفاع الأسعار مع استمرار تراجع الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية وشح السيولة الدولارية ما ينتج عنه صعوبة استيراد المواد الخام والسلع اللازمة للصناعات المحلية، وأهمها خامات الأعلاف مثل الذرة وفول الصويا وهما عنصران أساسيان في صناعة أعلاف الماشية والدواجن والأسماك بجانب صناعة الزيوت.
ويشير محللون إلى أن السيطرة على التضخم تتركز بشكل كبير على تدبير العملة الأجنبية وتعزيز مصادرها حتى يمكن تجنب انخفاضات جديدة للجنيه وما يتبع ذلك من ارتفاع للأسعار وإعادة تقييم السلع والخدمات.